فصل: فصلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية (نسخة منقحة)



.فصلٌ فِي التَّكْفِينِ:

(السُّنَّةُ أَنْ يُكَفَّنَ الرَّجُلُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ: إزَارٍ، وَقَمِيصٍ، وَلِفَافَةٍ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ» وَلِأَنَّهُ أَكْثَرُ مَا يَلْبَسُهُ عَادَةً فِي حَيَاتِهِ، فَكَذَا بَعْدَ مَمَاتِهِ.
(فَإِنْ اقْتَصَرُوا عَلَى ثَوْبَيْنِ جَازَ، وَالثَّوْبَانِ إزَارٌ وَلِفَافَةٌ) وَهَذَا كَفَنُ الْكِفَايَةِ، لِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اغْسِلُوا ثَوْبَيَّ هَذَيْنِ وَكَفِّنُونِي فِيهِمَا، وَلِأَنَّهُ أَدْنَى لِبَاسِ الْأَحْيَاءِ، وَالْإِزَارُ مِنْ الْقَرْنِ إلَى الْقَدَمِ، وَاللِّفَافَةُ كَذَلِكَ، وَالْقَمِيصُ مِنْ أَصْلِ الْعُنُقِ إلَى الْقَدَمِ (فَإِذَا أَرَادُوا لَفَّ الْكَفَنِ ابْتَدَءُوا بِجَانِبِهِ الْأَيْسَرِ فَلَفُّوهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ بِالْأَيْمَنِ) كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ، وَبَسْطُهُ: أَنْ تُبْسَطَ اللِّفَافَةُ أَوَّلًا، ثُمَّ يُبْسَطُ عَلَيْهَا الْإِزَارُ، ثُمَّ يُقَمَّصُ الْمَيِّتُ وَيُوضَعُ عَلَى الْإِزَارِ، ثُمَّ يُعْطَفُ الْإِزَارُ مِنْ قِبَلِ الْيَسَارِ ثُمَّ مِنْ قِبَلِ الْيَمِينِ، ثُمَّ اللِّفَافَةُ كَذَلِكَ (وَإِنْ خَافُوا أَنْ يَنْتَشِرَ الْكَفَنُ عَنْهُ عَقَدُوهُ بِخِرْقَةٍ) صِيَانَةً عَنْ الْكَشْفِ.
(وَتُكَفَّنُ الْمَرْأَةُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ: دِرْعٍ، وَإِزَارٍ، وَخِمَارٍ، وَلِفَافَةٍ، وَخِرْقَةٍ تُرْبَطُ فَوْقَ ثَدْيَيْهَا) لِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَعْطَى اللَّوَاتِي غَسَّلْنَ ابْنَتَهُ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ» وَلِأَنَّهَا تَخْرُجُ فِيهَا حَالَةَ الْحَيَاةِ، فَكَذَا بَعْدَ الْمَمَاتِ، ثُمَّ هَذَا بَيَانُ كَفَنِ السُّنَّةِ (وَإِنْ اقْتَصَرُوا عَلَى ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ جَازَ) وَهِيَ ثَوْبَانِ وَخِمَارٌ، وَهُوَ كَفَنُ الْكِفَايَةِ.
(وَيُكْرَهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، وَفِي الرَّجُلِ يُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَوْبٍ وَاحِدٍ، إلَّا فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ) لِأَنَّ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ حِينَ اُسْتُشْهِدَ كُفِّنَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَهَذَا كَفَنُ الضَّرُورَةِ (وَتُلْبَسُ الْمَرْأَةُ الدِّرْعُ أَوَّلًا، ثُمَّ يُجْعَلُ شَعْرُهَا ضَفِيرَتَيْنِ عَلَى صَدْرِهَا فَوْقَ الدِّرْعِ، ثُمَّ الْخِمَارُ فَوْقَ ذَلِكَ تَحْتَ الْإِزَارِ، ثُمَّ الْإِزَارُ، ثُمَّ اللِّفَافَةُ).
قَالَ: (وَتُجَمَّرُ الْأَكْفَانُ قَبْلَ أَنْ يُدْرَجَ فِيهَا الْمَيِّتُ وِتْرًا) لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «أَمَرَ بِإِجْمَارِ أَكْفَانِ ابْنَتِهِ وِتْرًا» وَالْإِجْمَارُ هُوَ التَّطْيِيبُ، فَإِذَا فَرَغُوا مِنْهُ صَلَّوْا عَلَيْهِ، لِأَنَّهَا فَرِيضَةٌ.
الشرح:
فصلٌ فِي التَّكْفِينِ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ».
قُلْت: رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ، مِنْ كُرْسُفٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ، وَلَا عِمَامَةٌ»، انْتَهَى.
ورَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ، وَزَادَ فِيهِ: قَالَتْ: فَأَمَّا الْحُلَّةُ فَإِنَّهَا اشْتَبَهَتْ عَلَى النَّاسِ، لِأَنَّهَا اُشْتُرِيَتْ، لِيُكَفَّنَ بِهَا، فَلَمْ يُكَفَّنْ فِيهَا، وَكُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ، فَأَخَذَ الْحُلَّةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: أَجْعَلُهَا كَفَنِي، ثُمَّ قَالَ: لَوْ رَضِيَهَا اللَّهُ لَرَضِيَهَا لِرَسُولِهِ، فَبَاعَهَا، وَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا، انْتَهَى.
وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَى أَصْحَابِنَا فِي عَدَمِ الْقَمِيصِ، عَلَى أَنَّ مَالِكًا يَحْمِلُهُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْدُودٍ، بَلْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الثَّلَاثَةُ الْأَثْوَابُ زِيَادَةً عَلَى الْقَمِيصِ وَالْعِمَامَةِ، وَالشَّافِعِيُّ يَجْعَلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَلِأَصْحَابِنَا حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ نَاصِحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيِّ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: «كُفِّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ: قَمِيصٍ وَإِزَارٍ وَلِفَافَةٍ»، انْتَهَى.
وَضُعِّفَ نَاصِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّسَائِيّ، وَلَيَّنَهُ هُوَ، وَقَالَ: هُوَ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ: قَمِيصِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَحُلَّةٍ نَجْرَانِيَّةٍ»، انْتَهَى.
ويَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ ضَعِيفٌ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْحُلَّةُ إزَارٌ وَرِدَاءٌ، وَلَا تَكُونُ الْحُلَّةُ إلَّا مِنْ ثَوْبَيْنِ. انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الْآثَارِ أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي حُلَّةٍ يَمَانِيَةٍ وَقَمِيصٍ»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ، وَأَخْرَجَ عَنْ الْحَسَنِ نَحْوَهُ الْأَحَادِيثُ الْمُخَالِفَةُ لِمَا تَقَدَّمَ: رَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي ثَوْبَيْنِ سَحُولِيَّيْنِ»، انْتَهَى.
وَرَوَى أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كُفِّنَ فِي ثَوْبٍ نَجْرَانِيٍّ وَرَيْطَتَيْنِ».
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ وَالْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي سَبْعَةِ أَثْوَابٍ».
انْتَهَى.
قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَ ابْنَ عَقِيلٍ عَلَيْهِ، وَلَا يُعْلَمُ رَوَاهُ عَنْهُ غَيْرُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، وَأَعَلَّهُ بِابْنِ عَقِيلٍ، وَضَعَّفَهُ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ فَقَطْ، وَلَيَّنَهُ هُوَ، وَقَالَ: رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الثِّقَاتِ، وَهُوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. انْتَهَى.
ورَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ، وَأَعَلَّهُ أَيْضًا بِابْنِ عَقِيلٍ، وَقَالَ: إنَّهُ كَانَ رَدِيءَ الْحِفْظِ، فَيَأْتِي بِالْخَبَرِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ فَلَمَّا كَثُرَ ذَلِكَ فِي رِوَايَاتِهِ اسْتَحَقَّ الْمُجَانَبَةَ، وَلَكِنَّهُ كَانَ مِنْ سَادَاتِ النَّاسِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي قَطِيفَةٍ حَمْرَاءَ»، انْتَهَى.
وذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ مِنْ جِهَةِ ابْنِ عَدِيٍّ، وَقَالَ: قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَالصَّحِيحُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ غُنْدَرٍ، وَوَكِيعٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ بِهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُعِلَ فِي قَبْرِهِ قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ». انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ تَصَحَّفَ عَلَى بَعْضِ رُوَاةِ كِتَابِ الْكَامِلِ لَفْظُ: دُفِنَ بِكُفِّنَ. انْتَهَى كَلَامُهُ.
قَوْلُهُ: عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: اغْسِلُوا ثَوْبَيَّ هَذَيْنِ وَكَفِّنُونِي فِيهِمَا.
قُلْت: رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْيَمَنِيِّ مَوْلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا اُحْتُضِرَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَمَثَّلْتُ بِهَذَا الْبَيْتِ: أَعَاذِلُ مَا يُغْنِي الْحِذَارُ عَنْ الْفَتَى إذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ فَقَالَ لَهَا: يَا بُنَيَّةُ: لَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ قُولِي: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ}، ثُمَّ قَالَ: اُنْظُرُوا ثَوْبَيَّ هَذَيْنِ، فَاغْسِلُوهُمَا، ثُمَّ كَفِّنُونِي فِيهِمَا، فَإِنَّ الْحَيَّ أَحْوَجُ إلَى الْجَدِيدِ مِنْهُمَا، انْتَهَى ثُمَّ قَالَ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ ثَنَا ضَمْرَةُ عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا بَكْرٍ الْوَفَاةُ قَالَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: اغْسِلُوا ثَوْبَيَّ هَذَيْنِ ثُمَّ كَفِّنُونِي فِيهِمَا، فَإِنَّمَا أَبُوك أَحَدُ رَجُلَيْنِ: إمَّا مَكْسُوٌّ، أَحْسَنَ الْكِسْوَةِ أَوْ مَسْلُوبٌ أَسْوَأَ السَّلَبِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ.
طَرِيقٌ آخَرُ: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِثَوْبَيْهِ اللَّذَيْنِ كَانَ يُمَرَّضُ فِيهِمَا اغْسِلُوهُمَا، وَكَفِّنُونِي فِيهِمَا، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَلَا نَشْتَرِي لَك جَدِيدًا، قَالَ: لَا، إنَّ الْحَيَّ أَحْوَجُ إلَى الْجَدِيدِ مِنْ الْمَيِّتِ، انْتَهَى.
أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْت عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ: يَقُولُ: أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ: إمَّا عَائِشَةَ: وَإِمَّا أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ، بِأَنْ تَغْسِلَ ثَوْبَيْنِ كَانَ يُمَرَّضُ فِيهِمَا، وَيُكَفَّنُ فِيهِمَا، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَوْ ثِيَابًا جُدُدًا؟، قَالَ: الْأَحْيَاءُ أَحَقُّ بِذَلِكَ، انْتَهَى.
طَرِيقٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ثَنَا سَيْفُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْت الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: كَفِّنُونِي فِي ثَوْبَيَّ هَذَيْنِ اللَّذَيْنِ كُنْت أُصَلِّي فِيهِمَا، وَاغْسِلُوهُمَا، فَإِنَّهُمَا لِلْمُهْلِ، وَالتُّرَابِ، انْتَهَى.
أَخْبَرَنَا الْوَاقِدِيُّ ثَنَا مَعْمَرٌ بِسَنَدِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَمَتْنِهِ وَذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الْآثَارِ بَلَاغًا، فَقَالَ: بَلَغَنَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، أَنَّهُ قَالَ: اغْسِلُوا ثَوْبَيَّ هَذَيْنِ، وَكَفِّنُونِي فِيهِمَا، وَفِي الْبُخَارِيِّ خِلَافُ هَذَا، أَخْرَجَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لَهَا: فِي كَمْ كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ، وَلَا عِمَامَةٌ، قَالَ: فِي أَيِّ يَوْمٍ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: يَوْمِ الِاثْنَيْنِ، قَالَ: فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قَالَتْ: يَوْمُ الِاثْنَيْنِ، قَالَ: أَرْجُو فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّيْلِ، فَنَظَرَ إلَى ثَوْبٍ عَلَيْهِ كَانَ يُمَرَّضُ فِيهِ، بِهِ رَدْعٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ، فَقَالَ: اغْسِلُوا ثَوْبِي هَذَا، وَزِيدُوا عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ، فَكَفِّنُونِي فِيهِمَا، قَالَتْ: إنَّ هَذَا خَلَقٌ، قَالَ: إنَّ الْحَيَّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ مِنْ الْمَيِّتِ، إنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ، فَلَمْ يُتَوَفَّ حَتَّى أَمْسَى مِنْ لَيْلَةِ الثُّلَاثَاءِ، وَدُفِنَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، انْتَهَى.
قَالَ النَّوَوِيُّ: الرَّدْعُ بِالْمُهْمَلَاتِ الْأَثَرُ وَالْمُهْلَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا وَكَسْرِهَا صَدِيدُ الْمَيِّتِ، انْتَهَى ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي التَّعَالِيقِ.
وَمِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ:
الَّذِي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُه، أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ»، وَفِي لَفْظٍ: فِي ثَوْبَيْهِ الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: فِي حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى اللَّوَاتِي غَسَّلْنَ ابْنَتَهُ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ».
قُلْت: غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ، وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي نُوحُ بْنُ حَكِيمٍ الثَّقَفِيُّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ، يُقَالُ لَهُ دَاوُد: وَلَدَتْهُ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ، زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لَيْلَى بِنْتِ قَانِفٍ الثَّقَفِيَّةِ، قَالَتْ: «كُنْت فِيمَنْ غَسَّلَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ وَفَاتِهَا، فَكَانَ أَوَّلُ مَا أَعْطَانَا: الْحِقَاءَ، ثُمَّ الدِّرْعَ، ثُمَّ الْخِمَارَ، ثُمَّ الْمِلْحَفَةَ، ثُمَّ أُدْرِجَتْ بَعْدُ فِي الثَّوْبِ الْآخَرِ، قَالَتْ: وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ عِنْدَ الْبَابِ، مَعَهُ كَفَنُهَا يُنَاوِلُنَاهَا ثَوْبًا ثَوْبًا». انْتَهَى.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَفِيهِ مَنْ لَيْسَ بِمَشْهُورٍ، قَالَ: وَالْحِقَا بِكَسْرِ الْحَاءِ مَقْصُورٌ، وَلَعَلَّهُ لُغَةٌ فِي الْحِقْوِ، انْتَهَى.
وقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى.
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: رُوِيَ أَنَّ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ حِينَ اُسْتُشْهِدَ، كُفِّنَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ قُلْت: أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ عَنْ خَبَّابُ بْنِ الْأَرَتِّ، قَالَ: «هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى، لَمْ يَأْخُذْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا: مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ نَمِرَةَ، فَكُنَّا إذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ، بَدَا رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ، وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ شَيْئًا مِنْ الْإِذْخِر»، انْتَهَى أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْمَنَاقِب، وَالْبَاقُونَ فِي الْجَنَائِزِ.
الْحَدِيثُ السَّادِسُ: رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِإِجْمَارِ أَكْفَانِ ابْنَتِهِ وِتْرًا».
قُلْت: غَرِيبٌ، وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ السَّابِعِ وَالثَّمَانِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ قُطَيَّةَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إذَا أَجْمَرْتُمْ الْمَيِّتَ فَأَجْمِرُوا ثَلَاثًا»، انْتَهَى.
وفِي لَفْظٍ لِابْنِ حِبَّانَ: فَأَوْتِرُوا، وَفِي لَفْظٍ لِلْبَيْهَقِيِّ: جَمِّرُوا كَفَنَ الْمَيِّتِ ثَلَاثًا، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَرْفَعْهُ غَيْرُ يَحْيَى بْنِ آدَمَ، وَلَا أَظُنُّهُ إلَّا غَلَطًا، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَكَأَنَّ ابْنَ مَعِينٍ بَنَاهُ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ: إنَّ الْحَدِيثَ إذَا رُوِيَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا، فَالْحُكْمُ لِلْوَقْفِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْحُكْمَ لِلرَّفْعِ، لِأَنَّهُ زِيَادَةُ ثِقَةٍ، وَلَا شَكَّ فِي ثِقَةِ يَحْيَى بْنِ آدَمَ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ، أَنَّهَا قَالَتْ عِنْدَ مَوْتِهَا: إذَا أَنَا مِتَّ فَاغْسِلُونِي، وَكَفِّنُونِي، وَأَجْمِرُوا ثِيَابِي، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ أَوْ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ، فَذَكَرَهُ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ هِشَامٍ بِهِ، وَزَادَ: وَحَنِّطُونِي، وَلَا تَتْبَعُونِي بِنَارٍ، انْتَهَى.
وهَذَا سَنَدٌ صَحِيحٌ.

.فصلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ:

(وَأَوْلَى النَّاسِ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ السُّلْطَانُ إنْ حَضَرَ) لِأَنَّ فِي التَّقَدُّمِ عَلَيْهِ ازْدِرَاءً بِهِ (فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَالْقَاضِي) لِأَنَّهُ صَاحِبُ وِلَايَةٍ (فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ إمَامِ الْحَيِّ) لِأَنَّهُ رَضِيَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ.
قَالَ: (ثُمَّ الْوَلِيُّ، وَالْأَوْلِيَاءُ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ فِي النِّكَاحِ، فَإِنْ صَلَّى غَيْرُ الْوَلِيِّ أَوْ السُّلْطَانِ أَعَادَ الْوَلِيُّ) يَعْنِي إنْ شَاءَ، لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْحَقَّ لِلْأَوْلِيَاءِ (وَإِنْ صَلَّى الْوَلِيُّ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَهُ) لِأَنَّ الْفَرْضَ يَتَأَدَّى بِالْأُولَى، وَالتَّنَفُّلُ بِهَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ، وَلِهَذَا رَأَيْنَا النَّاسَ تَرَكُوا عَنْ آخِرِهِمْ الصَّلَاةَ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَهُوَ الْيَوْمَ كَمَا وُضِعَ.
(وَإِنْ دُفِنَ الْمَيِّتُ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ صُلِّيَ عَلَى قَبْرِهِ) لِأَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ صَلَّى عَلَى قَبْرِ امْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ (وَيُصَلَّى عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَتَفَسَّخَ) وَالْمُعْتَبَرُ فِي مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَكْبَرُ الرَّأْيِ، هُوَ الصَّحِيحُ، لِاخْتِلَافِ الْحَالِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ.
الشرح:
فصلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ:
الْحَدِيثُ السَّابِعُ: رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى قَبْرِ امْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ».
قُلْت: رَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ، مِنْ الْقِسْمِ الرَّابِعِ، مِنْ حَدِيثِ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ، وَكَانَ أَكْبَرَ مِنْ زَيْدٍ، قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا وَرَدْنَا الْبَقِيعَ إذَا هُوَ بِقَبْرٍ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالُوا: فُلَانَةَ، فَعَرَفَهَا، فَقَالَ: أَلَا آذَنْتُمُونِي بِهَا؟، قَالُوا: كُنْتَ قَائِلًا صَائِمًا، قَالَ: فَلَا تَفْعَلُوا، لَا أَعْرِفَنَّ مَا مَاتَ مِنْكُمْ مَيِّتٌ، مَا كُنْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ إلَّا آذَنْتُمُونِي بِهِ، فَإِنَّ صَلَاتِي عَلَيْهِ رَحْمَةٌ، قَالَ: ثُمَّ أَتَى الْقَبْرَ، فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا». انْتَهَى.
ورَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي الْفَضَائِلِ وَسَكَتَ عَنْهُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى قَبْرِ امْرَأَةٍ قَدْ دُفِنَتْ»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ «أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ مِسْكِينَةً مَرِضَتْ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَرَضِهَا، فَقَالَ: إذَا مَاتَتْ فَآذِنُونِي بِهَا، فَخَرَجُوا بِجِنَازَتِهَا لَيْلًا، فَكَرِهُوا أَنْ يُوقِظُوهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أُخْبِرَ بِشَأْنِهَا، فَقَالَ: أَلَمْ آمُرُكُمْ أَنْ تُؤْذِنُونِي بِهَا؟ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَرِهْنَا أَنْ نُخْرِجَكَ لَيْلًا، أَوْ نُوقِظَكَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى صَفَّ بِالنَّاسِ عَلَى قَبْرِهَا، وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ»، انْتَهَى.
ورَوَى الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ، فَمَاتَ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ، فَقَالُوا: مَاتَ، قَالَ: أَفَلَا آذَنْتُمُونِي بِهِ، دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ، فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ شَهِدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَتَى عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ، فَصَفَّهُمْ، فَكَبَّرَ أَرْبَعًا، قَالَ الشَّيْبَانِيُّ: مَنْ حَدَّثَكَ هَذَا؟ قَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ، انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: وَقَدْ جَعَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الصَّلَاةَ عَلَى الْقَبْرِ مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِدَلِيلِ مَا وَرَدَ فِيهِ: وَإِنِّي أُنَوِّرُهَا بِصَلَاتِي عَلَيْهِمْ، وَلَيْسَ كَمَا تَوَهَّمُوهُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَفَّ النَّاسَ خَلْفَهُ، فَلَوْ كَانَ مِنْ خَصَائِصِهِ لَزَجَرَهُمْ عَنْ ذَلِكَ، انْتَهَى.
وهَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا أَنَّ «النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى قَبْرِ امْرَأَةٍ أَوْ رَجُلٍ كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ عَلَى أَهْلِهَا ظُلْمَةً، وَإِنِّي أُنَوِّرُهَا بِصَلَاتِي عَلَيْهِمْ»، انْتَهَى.
وأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أُمَّ سَعْدٍ يَعْنِي ابْنَ عُبَادَةَ مَاتَتْ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَائِبٌ، فَلَمَّا قَدِمَ صَلَّى عَلَيْهَا، وَقَدْ مَضَى لِذَلِكَ شَهْرٌ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هُوَ مُرْسَلٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ رُوِيَ مَوْصُولًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْمَشْهُورُ الْمُرْسَلُ، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ وَضْعِ الْمَوْتَى لِلصَّلَاةِ:
أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ مَسْلَمَةً بْنِ مَخْلَدٍ، قَالَ: كُنَّا بِمِصْرَ، فَجَاءُونَا بِرِجَالٍ وَنِسَاءٍ، فَجَعَلُوا لَا يَدْرُونَ كَيْفَ يَصْنَعُونَ، فَقَالَ مَسْلَمَةُ: سُنَّتُكُمْ فِي الْمَوْتِ، سُنَّتُكُمْ فِي الْحَيَاةِ، قَالَ: فَجَعَلُوا النِّسَاءَ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، وَالرِّجَالَ أَمَامَ ذَلِكَ، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَالْقَاسِمِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالُوا: النِّسَاءُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، وَالرِّجَالُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ:
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى جَنَائِزِ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ، فَقَدَّمَ النِّسَاءَ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، وَالرِّجَالَ يَلُونَ الْإِمَامَ، وَأَخْرَجَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، نَحْوَهُ، وَكَذَا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَكَذَا عَنْ عُثْمَانَ، وَكَذَا عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، وَأَخْرَجَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى أُمِّ كُلْثُومٍ وَزَيْدِ بْنِ عُمَرَ، فَجَعَلَ زَيْدًا مِمَّا يَلِيهِ، وَجَعَلَ أُمَّ كُلْثُومٍ بَيْنَ يَدَيْ زَيْدٍ، وَفِي النَّاسِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَآخَرُونَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: إذَا اجْتَمَعَتْ جَنَائِزُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، جُعِلَ الرِّجَالُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، وَالنِّسَاءُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، وَإِذَا اجْتَمَعَ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ، جُعِلَ الْحُرُّ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، وَالْعَبْدُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، انْتَهَى.
وأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَمَّارِ بْن أَبِي عَمَّارٍ، قَالَ: شَهِدْت جِنَازَةَ أُمِّ كُلْثُومٍ وَابْنِهَا، فَجُعِلَ الْغُلَامُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، فَأُنْكِرَ ذَلِكَ، وَفِي الْقَوْمِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو سَعِيدٍ وَأَبُو قَتَادَةَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالُوا: هَذِهِ السُّنَّةُ، قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ، وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ، وَكَانَ فِي الْقَوْمِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عُمَرَ وَنَحْوًا مِنْ ثَمَانِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ الْإِمَامَ كَانَ ابْنَ عُمَرَ، وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ صَلَّى عَلَى تِسْعِ جَنَائِزَ، رِجَالٍ وَنِسَاءٍ، فَجَعَلَ الرِّجَالَ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، وَجَعَلَ النِّسَاءَ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، وَصَفَّهُمْ صَفًّا وَاحِدًا، وَوُضِعَتْ جِنَازَةُ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عَلِيٍّ، وَهِيَ امْرَأَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنٌ لَهَا يُقَالُ لَهُ: زَيْدُ بْنُ عُمَرَ، وَالْإِمَامُ يَوْمَئِذٍ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ، وَفِي النَّاسِ يَوْمَئِذٍ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ وَأَبُو قَتَادَةَ، فَوُضِعَ الْغُلَامُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
(وَالصَّلَاةُ: أَنْ يُكَبِّرَ تَكْبِيرَةً يَحْمَدَ اللَّهَ عَقِيبَهَا، ثُمَّ يُكَبِّرَ تَكْبِيرَةً يُصَلِّيَ فِيهَا عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، ثُمَّ يُكَبِّرَ تَكْبِيرَةً يَدْعُوَ فِيهَا لِنَفْسِهِ وَلِلْمَيِّتِ وَلِلْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ يُكَبِّرَ الرَّابِعَةَ وَيُسَلِّمَ) لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَبَّرَ أَرْبَعًا فِي آخِرَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا، فَنَسَخَتْ مَا قَبْلَهَا.
(وَلَوْ) (كَبَّرَ الْإِمَامُ خَمْسًا) (لَمْ يُتَابِعْهُ الْمُؤْتَمُّ) خِلَافًا لِزُفَرَ، لِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ، لِمَا رَوَيْنَا، وَيَنْتَظِرُ تَسْلِيمَةَ الْإِمَامِ فِي رِوَايَةٍ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَالْإِتْيَانُ بِالدَّعَوَاتِ اسْتِغْفَارٌ لِلْمَيِّتِ.
الشرح:
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَبَّرَ أَرْبَعًا فِي آخِرِ صَلَاةٍ صَلَّاهَا.
قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي حَثْمَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَلَهُ طُرُقٌ: أَحَدُهَا: عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي سُنَنِهِ عَنْ الْفُرَاتِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «آخِرُ مَا كَبَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجَنَائِزِ أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ، وَكَبَّرَ عُمَرُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَرْبَعًا، وَكَبَّرَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى عُمَرَ أَرْبَعًا، وَكَبَّرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى عَلِيٍّ أَرْبَعًا، وَكَبَّرَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى الْحَسَنِ أَرْبَعًا، وَكَبَّرَتْ الْمَلَائِكَةُ عَلَى آدَمَ أَرْبَعًا»، انْتَهَى.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَالْفُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ مَتْرُوكٌ، انْتَهَى.
وسَكَتَ الْحَاكِمُ عَنْهُ طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ النَّضْرِ أَبِي عُمَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «آخِرُ جِنَازَةٍ صَلَّى عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا». انْتَهَى.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ النَّضْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو عُمَرَ الْخَرَّازُ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا مِنْ وُجُوهٍ أُخَرَ، كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، إلَّا أَنَّ اجْتِمَاعَ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى الْأَرْبَعِ، كَالدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ. انْتَهَى كَلَامُهُ.
طَرِيقٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ فِي تَارِيخِ أَصْبَهَانَ فِي تَرْجَمَةِ الْمُحَمَّدِيِّينَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ عِمْرَانَ ثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ ثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ ثَنَا نَافِعٌ أَبُو هُرْمُزَ ثَنَا عَطَاءٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكَبِّرُ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَعَلَى بَنِي هَاشِمٍ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ كَانَ آخِرُ صَلَاتِهِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ، إلَى أَنْ خَرَجَ مِنْ الدُّنْيَا»، انْتَهَى.
طَرِيقٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَبِي عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيِّ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَعَلَّهُ بِمُحَمَّدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَقَالَ: إنَّهُ يَأْتِي عَنْ الثِّقَاتِ بِمَا لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، فَاسْتَحَقَّ التَّرْكَ، إلَّا فِيمَا وَافَقَ الثِّقَاتِ، فَإِنَّهُ كَانَ صَاحِبَ حِفْظٍ وَإِتْقَانٍ، قَبْلَ أَنْ ظَهَرَ مِنْهُ مَا ظَهَرَ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ: فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: صَلَّى عُمَرُ عَلَى بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْته يَقُولُ: لَأُصَلِّيَنَّ عَلَيْهَا، مِثْلَ آخِرِ صَلَاةٍ صَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِثْلِهَا، فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا، انْتَهَى.
ويَحْيَى بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ وَجَابِرٌ الْجُعْفِيُّ ضَعِيفَانِ طَرِيقٌ آخَرُ: رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الْآثَارِ أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ «أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُصَلُّونَ عَلَى الْجَنَائِزِ خَمْسًا وَسِتًّا وَأَرْبَعًا، حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرُوا كَذَلِكَ فِي وِلَايَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، ثُمَّ وُلِّيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُمْ عُمَرُ: إنَّكُمْ مَعْشَرَ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ مَتَى تَخْتَلِفُونَ يَخْتَلِفُ النَّاسُ بَعْدَكُمْ وَالنَّاسُ حَدِيثُو عَهْدٍ بِالْجَاهِلِيَّةِ، فَأَجْمِعُوا عَلَى شَيْءٍ يُجْمِعُ عَلَيْهِ مَنْ بَعْدَكُمْ، فَأَجْمَعَ رَأْيُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ عَلَى أَنْ يَنْظُرُوا إلَى آخِرِ جِنَازَةٍ كَبَّرَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قُبِضَ، فَيَأْخُذُونَ، وَيَتْرُكُونَ مَا سِوَاهُ، فَنَظَرُوا فَوَجَدُوا آخِرَ جِنَازَةٍ كَبَّرَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعًا»، انْتَهَى.
وكَأَنَّ فِيهِ انْقِطَاعًا بَيْنَ إبْرَاهِيمَ، وَعُمَرَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ أَبِي حَثْمَةَ فَرَوَاهُ أَبُو عُمَرَ فِي الِاسْتِذْكَارِ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ قَاسِمٍ عَنْ ابْنِ وَضَّاحٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إبْرَاهِيمَ دُحَيْمٍ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُ عَلَى الْجَنَائِزِ أَرْبَعًا وَخَمْسًا وَسِتًّا وَسَبْعًا فَثَمَانِيًا، حَتَّى جَاءَهُ مَوْتُ النَّجَاشِيِّ، فَخَرَجَ إلَى الْمُصَلَّى، فَصَفَّ النَّاسَ وَرَاءَهُ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا، ثُمَّ ثَبَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَرْبَعَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ»، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: فَرَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ حَمْزَةَ أَنْبَأَ فُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ أَنْبَأَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، قَالَ: آخِرُ مَا كَبَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ بِلَفْظِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَزَادَ: وَكَبَّرَ عَلَى عَلِيٍّ يَزِيدُ بْنُ الْمُكَفِّفِ أَرْبَعًا، وَكَبَّرَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ أَرْبَعًا، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ: فَأَخْرَجَهُ الْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِ (النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ) عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ الْقَاضِي الْمَرْوَزِيِّ ثَنَا شَيْبَانُ الْأَيْلِيُّ أَنَا نَافِعٌ أَبُو هُرْمُزَ ثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَعَلَى بَنِي هَاشِمٍ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَكَانَ آخِرُ صَلَاتِهِ أَرْبَعًا حَتَّى خَرَجَ مِنْ الدُّنْيَا»، انْتَهَى.
قَالَ: وَإِسْنَادُهُ وَاهٍ، وَقَدْ رُوِيَ: آخِرُ صَلَاتِهِ كَبَّرَ أَرْبَعًا، مِنْ عِدَّةِ رِوَايَاتٍ، كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، وَكَذَلِكَ حَمَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْأَمْرَ عَلَى التَّوَسُّعِ، وَأَنْ لَا وَقْتَ وَلَا عَدَدَ، وَجَمَعُوا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، قَالُوا: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفَضِّلُ أَهْلَ بَدْرٍ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَكَذَا بَنِي هَاشِمٍ، فَكَانَ يُكَبِّرُ عَلَيْهِمْ خَمْسًا، وَعَلَى مَنْ دُونَهُمْ أَرْبَعًا، وَأَنَّ الَّذِي حَكَى آخِرَ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَلَا مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، وَقَدْ جَعَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ حَدِيثَ النَّجَاشِيِّ نَاسِخًا، فَإِنَّ حَدِيثَ النَّجَاشِيِّ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَاهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ، وَخَرَجَ بِهِمْ إلَى الْمُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ، وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ»، قَالُوا: وَأَبُو هُرَيْرَةَ مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ، وَمَوْتُ النَّجَاشِيِّ كَانَ بَعْدَ إسْلَامِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِمُدَّةٍ، فَإِنْ قِيلَ: إنْ كَانَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّأْخِيرِ، فَلَيْسَ فِي تِلْكَ الْأَحَادِيثِ الْمَنْسُوخَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّقْدِيمِ، فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى بِالتَّأْخِيرِ مِنْ الْآخَرِ، قُلْنَا: قَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِالتَّأْخِيرِ مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ أَبِي أَوْفَى وَجَابِرٍ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ سِتًّا، فَلِأَنَّهُ كَانَ بَدْرِيًّا، وَالْبَدْرِيُّونَ يُزَادُونَ فِي التَّكْبِيرِ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفَيْهِمَا حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّ عَلِيًّا صَلَّى عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، فَكَبَّرَ عَلَيْهِ سِتًّا، ثُمَّ الْتَفَتَ إلَيْنَا، فَقَالَ: إنَّهُ بَدْرِيٌّ، انْتَهَى.
ورَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ بِهِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: وَرَوَاهُ الْبَرْقَانِيُّ فِي صَحِيحِهِ، وَوَهَمَ شَيْخُنَا عَلَاءُ الدِّينِ مُقَلِّدًا لِغَيْرِهِ، فَعَزَاهُ لِلتِّرْمِذِيِّ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ يُكَبِّرُ عَلَى أَهْلِ بَدْرِ سِتًّا، وَعَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسًا، وَعَلَى سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ أَرْبَعًا، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عَبْدِ الْعَلِيِّ بْنِ سَلْعٍ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ بِهِ وَالْبُدَاءَةُ بِالثَّنَاءِ، ثُمَّ بِالصَّلَاةِ سُنَّةُ الدُّعَاءِ، وَلَا يَسْتَغْفِرُ لِلصَّبِيِّ، وَلَكِنْ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا، وَاجْعَلْهُ لَنَا أَجْرًا وَذُخْرًا، وَاجْعَلْهُ لَنَا شَافِعًا مُشَفَّعًا.
(وَلَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ تَكْبِيرَةً أَوْ تَكْبِيرَتَيْنِ لَا يُكَبِّرُ الْآتِي حَتَّى يُكَبِّرَ أُخْرَى بَعْدَ حُضُورِهِ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُكَبِّرُ حِينَ يَحْضُرُ، لِأَنَّ الْأُولَى لِلِافْتِتَاحِ وَالْمَسْبُوقُ يَأْتِي بِهِ، وَلَهُمَا أَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ قَائِمَةٌ مَقَامَ رَكْعَةٍ، وَالْمَسْبُوقُ لَا يَبْتَدِئُ بِمَا فَاتَهُ، إذْ هُوَ مَنْسُوخٌ، وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا فَلَمْ يُكَبِّرْ مَعَ الْإِمَامِ لَا يَنْتَظِرُ الثَّانِيَةَ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلِهِ الْمُدْرِكِ.
الشرح:
قَوْلُهُ: وَالْبُدَاءَةُ بِالثَّنَاءِ، ثُمَّ بِالصَّلَاةِ، لِأَنَّهَا سُنَّةُ الدُّعَاءِ.
قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ فِي الصَّلَاةِ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِي هَانِئٍ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْجَنْبِيِّ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: «سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَدْعُو لَمْ يُمَجِّدْ اللَّهَ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَجِلَ هَذَا، ثُمَّ دَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ: إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ، فَلْيَبْدَأْ بِتَمْجِيدِ رَبِّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَدْعُو بَعْدَهُ بِمَا شَاءَ»، انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ، انْتَهَى.
واعْلَمْ أَنَّ نُسَخَ السُّنَنِ مُخْتَلِفَةٌ فِي هَذَا اللَّفْظِ: لَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ، وَلَمْ يُمَجِّدْ اللَّهَ، وَقَوْلُهُ: فَلْيَبْدَأْ بِتَمْجِيدِ اللَّهِ وَتَحْمِيدِ اللَّهِ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ عِيَاضًا فِي الشِّفَا سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ التِّرْمِذِيِّ، وَقَالَ فِيهِ: بِتَحْمِيدِ اللَّهِ، قَالَ: وَرُوِيَ مِنْ غَيْرِ هَذَا السَّنَدِ: بِتَمْجِيدِ اللَّهِ، وَهُوَ أَصَحُّ، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: وَالْمَسْبُوقُ لَا يَبْتَدِئُ بِمَا فَاتَهُ، إذْ هُوَ مَنْسُوخٌ.
قُلْت: رُوِيَ مُسْنَدًا وَمُرْسَلًا، فَالْمُسْنَدُ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ فَحَدِيثُ مُعَاذٍ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ فِي الْأَذَانِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: أُحِيلَتْ الصَّلَاةُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، قَالَ وَحَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَقَدْ أَعْجَبَنِي أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةً، حَتَّى لَقَدْ هَمَمْت أَنْ أَبُثَّ رِجَالًا فِي الدُّورِ يُنَادُونَ النَّاسَ لِحِينِ الصَّلَاةِ، إلَى أَنْ قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: أَمَّا إنِّي قَدْ رَأَيْت مِثْلَ الَّذِي رَأَى، لَكِنْ لَمَّا سُبِقْتُ اسْتَحْيَيْتُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا، قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ إذَا جَاءَ يَسْأَلُ، فَيُخْبَرُ بِمَا سُبِقَ مِنْ صَلَاتِهِ، وَأَنَّهُمْ قَامُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْنِ قَائِمٍ وَرَاكِعٍ وَقَاعِدٍ وَمُصَلٍّ».
قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: قَالَ عَمْرٌو: وَحَدَّثَنِي بِهَا حُصَيْنٌ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، حَتَّى «جَاءَ مُعَاذٌ، فَأَشَارَ إلَيْهِ، فَقَالَ مُعَاذٌ: لَا أَرَاهُ عَلَى حَالٍ إلَّا كُنْت عَلَيْهَا، قَالَ: فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إنَّ مُعَاذًا قَدْ سَنَّ لَكُمْ سُنَّةً، كَذَلِكَ فَافْعَلُوا»، مُخْتَصَرٌ، قَالَ الْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِهِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ: قَالَ الْمُزَنِيّ: مَعْنَى قَوْلِهِ: إنَّ مُعَاذًا قَدْ سَنَّ لَكُمْ، يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَمَرَ أَنْ يُسْتَنَّ بِهَذِهِ السُّنَّةِ، فَوَافَقَ ذَلِكَ فِعْلَ مُعَاذٍ، فَإِنَّ بِالنَّاسِ حَاجَةً إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ مَا يُسَنُّ، وَلَيْسَ بِالنَّاسِ حَاجَةٌ إلَى غَيْرِهِ. انْتَهَى.
وَكَذَلِكَ نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ الْمُزَنِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ مُعَاذٍ، قَالَ: «كَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، إذَا سُبِقَ الرَّجُلُ بِبَعْضِ صَلَاتِهِ، سَأَلَهُمْ فَأَوْمَئُوا إلَيْهِ بِاَلَّذِي سُبِقَ بِهِ، فَيَبْدَأُ لِيَقْضِيَ مَا سَبَقَ، ثُمَّ يَدْخُلُ مَعَ الْقَوْمِ، فَجَاءَ مُعَاذٌ، وَالْقَوْمُ قُعُودٌ فِي صَلَاتِهِمْ، فَقَعَدَ، فَلَمَّا فَرَغَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، قَامَ، فَقَضَى مَا كَانَ سُبِقَ بِهِ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: قَدْ سَنَّ لَكُمْ مُعَاذٌ فَاقْتَدُوا بِهِ، إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ، وَقَدْ سُبِقَ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ، فَلْيُصَلِّ مَعَ الْإِمَامِ بِصَلَاتِهِ، فَإِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ، فَلْيَقْضِ مَا سُبِقَ بِهِ»، انْتَهَى.
وَفِي سَمَاعِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى مِنْ مُعَاذٍ نَظَرٌ، تَقَدَّمَ فِي الْأَذَانِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ، فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: «كَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا سُبِقَ الرَّجُلُ بِبَعْضِ صَلَاتِهِ سَأَلَهُ، فَأَوْمَئُوا إلَيْهِ بِاَلَّذِي سُبِقَ بِهِ، فَيَبْدَأُ، فَيَقْضِي مَا سُبِقَ بِهِ، ثُمَّ يَدْخُلُ مَعَ الْقَوْمِ، فَجَاءَ مُعَاذٌ وَالْقَوْمُ قُعُودٌ فِي صَلَاتِهِمْ، فَقَعَدَ، فَلَمَّا فَرَغَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَامَ، فَقَضَى مَا كَانَ سُبِقَ بِهِ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: قَدْ سَنَّ لَكُمْ مُعَاذٌ، فَاقْتَدُوا بِهِ، إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ»، الْحَدِيثَ.
وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ.
وَأَمَّا الْمُرْسَلُ فَلَهُ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: «كَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا جَاءَ الرَّجُلُ، وَقَدْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ، أَشَارَ إلَيْهِ النَّاسُ فَصَلَّى مَا فَاتَهُ، ثُمَّ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ، حَتَّى جَاءَ يَوْمًا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَأَشَارَ إلَيْهِ، فَدَخَلَ وَلَمْ يَنْتَظِرْ مَا قَالُوا فَلَمَّا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرُوا لَهُ، فَقَالَ: قَدْ سَنَّ لَكُمْ مُعَاذٌ، فَاقْبَلُوا»، انْتَهَى.
الْوَجْهُ الْآخَرُ: رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: «الرَّجُلُ إذَا جَاءَ، وَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنْ صَلَاتِهِ، سَأَلَ، فَإِذَا أُخْبِرَ بِشَيْءٍ سُبِقَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الَّذِي سُبِقَ بِهِ، ثُمَّ دَخَلَ مَعَهُمْ فِي الصَّلَاةِ، فَأَتَى ابْنُ مَسْعُودٍ، فَدَخَلَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَسْأَلْ، فَلَمَّا فَرَغَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، قَامَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَقَضَى مَا بَقِيَ عَلَيْهِ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَدْ سَنَّ لَكُمْ سُنَّةً فَاتَّبِعُوهَا»، انْتَهَى.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، فَجَعَلَ الْقِصَّةَ فِي مُعَاذٍ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ، قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذَا أَتَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا، وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ، فَأَتِمُّوا، أَوْ فَاقْضُوا»، انْتَهَى.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَصَلَاةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَلْفَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الصُّبْحَ، أَخْرَجُوهُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا، وَفِي لَفْظِ أَحْمَدَ: فَصَلَّيْنَا مَعَهُ الَّتِي أَدْرَكْنَا، ثُمَّ قَضَيْنَا الَّتِي سَبَقَنَا بِهَا.
قَالَ: (وَيَقُومُ الَّذِي يُصَلِّي عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِحِذَاءِ الصَّدْرِ) لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْقَلْبِ، وَفِيهِ نُورُ الْإِيمَانِ، فَيَكُونُ الْقِيَامُ عِنْدَهُ إشَارَةً إلَى الشَّفَاعَةِ لِإِيمَانِهِ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يَقُومُ مِنْ الرَّجُلِ بِحِذَاءِ رَأْسِهِ، وَمِنْ الْمَرْأَةِ بِحِذَاءِ وَسَطِهَا، لِأَنَّ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَعَلَ كَذَلِكَ وَقَالَ: هُوَ السُّنَّةُ، قُلْنَا: تَأْوِيلُهُ أَنَّ جِنَازَتَهَا لَمْ تَكُنْ مَنْعُوشَةً فَحَالَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمْ.
(فَإِنْ صَلَّوْا عَلَى جِنَازَةٍ رُكْبَانًا أَجْزَأَهُمْ فِي الْقِيَاسِ) لِأَنَّهَا دُعَاءٌ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تُجْزِئُهُمْ، لِأَنَّهَا صَلَاةٌ مِنْ وَجْهٍ لِوُجُودِ التَّحْرِيمِ، فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ احْتِيَاطًا.
(وَلَا بَأْسَ بِالْإِذْنِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ) لِأَنَّ التَّقَدُّمَ حَقُّ الْوَلِيِّ فَيَمْلِكُ إبْطَالَهُ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا بَأْسَ بِالْآذَانِ أَيْ الْإِعْلَامِ، وَهُوَ أَنْ يُعْلِمَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لِيَقْضُوا حَقَّهُ.
الشرح:
قَوْلُهُ: وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَقُومُ مِنْ الرَّجُلِ بِحِذَاءِ رَأْسِهِ، وَمِنْ الْمَرْأَةِ بِحِذَاءِ وَسَطِهَا، لِأَنَّ أَنَسًا فَعَلَ كَذَلِكَ، وَقَالَ: هُوَ السُّنَّةُ، قُلْنَا: تَأْوِيلُهُ إنَّ جِنَازَتَهَا لَمْ تَكُنْ مَنْعُوشَةً، فَحَالَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمْ.
قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ نَافِعٍ أَبِي غَالِبٍ، قَالَ: كُنْت فِي سِكَّةِ الْمِرْبَدِ فَمَرَّتْ جِنَازَةٌ مَعَهَا نَاسٌ كَثِيرٌ، قَالُوا: جِنَازَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَتَبِعْتهَا، فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ عَلَيْهِ كِسَاءٌ رَقِيقٌ، وَعَلَى رَأْسِهِ خِرْقَةٌ تَقِيهِ مِنْ الشَّمْسِ، فَقُلْت: مَنْ هَذَا الدِّهْقَانُ؟ قَالُوا: أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: فَلَمَّا وُضِعَتْ الْجِنَازَةُ، قَامَ أَنَسٌ، فَصَلَّى عَلَيْهَا، وَأَنَا خَلْفَهُ، لَا يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، فَقَامَ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ، لَمْ يُطِلْ، وَلَمْ يُسْرِعْ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقْعُدُ، فَقَالُوا: يَا أَبَا حَمْزَةَ، الْمَرْأَةُ الْأَنْصَارِيَّةُ، فَقَرَّبُوهَا، وَعَلَيْهَا نَعْشٌ أَخْضَرُ، فَقَامَ عِنْدَ عَجِيزَتِهَا، فَصَلَّى عَلَيْهَا نَحْوَ صَلَاتِهِ عَلَى الرَّجُلِ، ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُ عَلَيْهَا أَرْبَعًا، وَيَقُومُ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ، وَعَجِيزَةِ الْمَرْأَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، إلَى أَنْ قَالَ: قَالَ أَبُو غَالِبٍ: فَسَأَلْت عَنْ صَنِيعِ أَنَسٍ فِي قِيَامِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ عِنْدَ عَجِيزَتِهَا، فَحَدَّثُونِي أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ، لِأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ النُّعُوشُ، وَكَانَ يَقُومُ الْإِمَامُ حِيَالَ عَجِيزَتِهَا يَسْتُرُهَا مِنْ الْقَوْمِ.
مُخْتَصَرٌ مِنْ لَفْظِ أَبِي دَاوُد، وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ أَبِي غَالِبٍ، قَالَ: رَأَيْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ صَلَّى عَلَى جِنَازَةِ رَجُلٍ، فَقَامَ حِيَالَ رَأْسِهِ فَجِيءَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَالُوا: يَا أَبَا حَمْزَةَ، صَلِّ عَلَيْهَا، فَقَامَ حِيَالَ وَسَطِ السَّرِيرِ، فَقَالَ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، هَكَذَا رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ مِنْ الْجِنَازَةِ مَقَامَك مِنْ الرَّجُلِ، وَقَامَ مِنْ الْمَرْأَةِ مَقَامَك مِنْ الْمَرْأَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ، فَقَالَ: احْفَظُوا، انْتَهَى.
وبِهَذَا اللَّفْظِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مَسَانِيدِهِمْ وَنَافِعٌ أَبُو غَالِبٍ الْبَاهِلِيُّ الْخَيَّاطُ الْبَصْرِيُّ، قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: وَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد أَنَّ الْمَرْأَةَ أَنْصَارِيَّةٌ، وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ أَنَّهَا قُرَشِيَّةٌ، وَلَعَلَّهَا كَانَتْ مِنْ قُرَيْشٍ، وَ - بِالْحِلْفِ - مِنْ الْأَنْصَارِ، أَوْ عَكْسَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
حَدِيثٌ لِلْخُصُومِ رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: «صَلَّيْت وَرَاءَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا، فَقَامَ عَلَيْهَا لِلصَّلَاةِ وَسَطَهَا»، انْتَهَى.
(وَلَا يُصَلَّى عَلَى مَيِّتٍ فِي مَسْجِدٍ جَمَاعَةٍ) لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا أَجْرَ لَهُ» وَلِأَنَّهُ بُنِيَ لِأَدَاءِ الْمَكْتُوبَاتِ، وَلِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ، وَفِيمَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ.
الشرح:
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ: قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَنْ صَلَّى عَلَى مَيِّتٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَا أَجْرَ لَهُ».
قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عَلَى مَيِّتٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَا شَيْءَ لَهُ»، وَلَفْظَةُ ابْنِ مَاجَهْ: «فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ» انْتَهَى.
قَالَ الْخَطِيبُ: الْمَحْفُوظُ: «فَلَا شَيْءَ لَهُ»، وَرُوِيَ: «فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ»، وَرُوِيَ: «فَلَا أَجْرَ لَهُ»، انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: رِوَايَةُ: فَلَا أَجْرَ لَهُ، خَطَأٌ فَاحِشٌ، وَالصَّحِيحُ: فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَصَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ مَنْ لَا يَحْتَجُّ بِهِ لِضَعْفِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْبَلُ مِنْهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ خَاصَّةً، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ بِلَفْظِ: فَلَا صَلَاةَ لَهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ بِلَفْظِ أَبِي دَاوُد، وَعَدَّهُ مِنْ مُنْكَرَاتِ صَالِحٍ، ثُمَّ أَسْنَدَ إلَى شُعْبَةَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرْوِي عَنْهُ، وَيَنْهَى عَنْهُ، وَإِلَى مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: فِيهِ ضَعْفٌ، وَأُسْنِدَ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ: ثِقَةٌ، إلَّا أَنَّهُ اخْتَلَطَ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ ثَبْتٌ حُجَّةٌ، وَمِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ. انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ: اخْتَلَطَ بِآخِرِهِ، وَلَمْ يَتَمَيَّزْ حَدِيثُ حَدِيثِهِ مِنْ قَدِيمِهِ، فَاسْتَحَقَّ التَّرْكَ، ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَالَ: إنَّهُ بَاطِلٌ، وَكَيْفَ يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ صَلَّى عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ؟، انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، وَهُوَ مِمَّا يُعَدُّ فِي أَفْرَادِ صَالِحٍ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ صَلَّى عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ أَصَحُّ، وَصَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ مُخْتَلَفٌ فِي عَدَالَتِهِ، كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَجْرَحُهُ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: أُجِيبُ عَنْ هَذَا بِأَجْوِبَةٍ:
أَحَدِهَا: أَنَّهُ ضَعِيفٌ لَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، تَفَرَّدَ بِهِ صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الَّذِي فِي النُّسَخِ الْمَشْهُورَةِ الْمَسْمُوعَةِ مِنْ سُنَنِ أَبِي دَاوُد: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَا حُجَّةَ فِيهِ.
وَالثَّالِثِ: أَنَّ اللَّامَ فِيهِ، بِمَعْنَى: عَلَى، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} أَيْ فَعَلَيْهَا، جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَقَدْ ضَعَّفَ هَذَا الْحَدِيثَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْخَطَّابِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ، قَالُوا: وَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِي عَدَالَتِهِ، وَمُعْظَمُ مَا جَرَحُوهُ بِهِ الِاخْتِلَاطُ، لَكِنْ قَالُوا: إنَّ سَمَاعَ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ مِنْهُ كَانَ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ:
أَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ: عَنْ عَائِشَةَ، «لَمَّا تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَتْ: أَدْخِلُوهُ الْمَسْجِدَ حَتَّى أُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَأُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: وَاَللَّهِ لَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنَيْ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ، سُهَيْلٍ وَأَخِيهِ»، انْتَهَى.
قَالَ الطَّحَاوِيُّ: صَلَاتُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ مَنْسُوخَةٌ، وَآخِرُ الْفِعْلَيْنِ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ التَّرْكُ، لِإِنْكَارِ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ عَلَى عَائِشَةَ، وَلَوْ عَلِمُوا خِلَافَهُ لَمَا أَنْكَرُوهُ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَلَوْ كَانَ عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ نَسْخُ حَدِيثِ عَائِشَةَ، لَذَكَرَهُ يَوْمَ صَلَّى عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَيَوْمَ صَلَّى عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَذَكَرَهُ مَنْ أَنْكَرَ عَلَى عَائِشَةَ أَمْرَهَا بِإِدْخَالِهِ الْمَسْجِدَ، أَوْ ذَكَرَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ حِينَ رَوَتْ فِيهِ الْخَبَرَ، وَإِنَّمَا أَنْكَرَهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْجَوَازِ، فَلَمَّا رَوَتْ فِيهِ الْخَبَرَ سَكَتُوا، وَلَمْ يُنْكِرُوهُ، وَلَا عَارَضُوهُ بِغَيْرِهِ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ صُلِّيَ عَلَيْهِمَا فِي الْمَسْجِدِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَامَّةَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ شَهِدُوا الصَّلَاةَ عَلَيْهِمَا، وَفِي تَرْكِهِمْ الْإِنْكَارَ دَلِيلٌ عَلَى الْجَوَازِ، وَإِنْ ثَبَتَ حَدِيثُ صَالِحٍ، مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، فَيُتَأَوَّلُ عَلَى نُقْصَانِ الْأَجْرِ، أَوْ تَكُونُ اللَّامُ، بِمَعْنَى: عَلَى، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا}، انْتَهَى.
وَحَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبَانَ الْغَنَوِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا تَرَكَ أَبُو بَكْرٍ دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا، وَدُفِنَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ، وَقَالَ: إسْمَاعِيلُ الْغَنَوِيُّ مَتْرُوكٌ، وَأَخْرَجَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صُلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ صُهَيْبٌ، انْتَهَى.
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: سَنَدُهُ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُمَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ، فَقَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ وَمَعْمَرٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قَالَ: رَأَى رِجَالًا يَخْرُجُونَ مِنْ الْمَسْجِدِ لِيُصَلُّوا عَلَى جِنَازَةٍ، فَقَالَ: مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ؟، وَاَللَّهِ مَا صُلِّيَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ، انْتَهَى.
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: صُلِّيَ عَلَى عُمَرَ فِي الْمَسْجِدِ، انْتَهَى.
وهَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ كَمَا تَرَى.
(وَمَنْ اسْتَهَلَّ بَعْدَ الْوِلَادَةِ سُمِّيَ وَغُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ صُلِّيَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ» وَلِأَنَّ الِاسْتِهْلَالَ دَلَالَةُ الْحَيَاةِ فَتَحَقَّقَ فِي حَقِّهِ سُنَّةُ الْمَوْتَى (وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ أُدْرِجَ فِي خِرْقَةٍ) كَرَامَةً لِبَنِي آدَمَ (وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) لِمَا رَوَيْنَا، وَيُغَسَّلُ فِي غَيْرِ الظَّاهِرِ مِنْ الرِّوَايَةِ، لِأَنَّهُ نَفْسٌ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ الْمُخْتَارُ.
(وَإِذَا سُبِيَ صَبِيٌّ مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ وَمَاتَ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُمَا (إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِالْإِسْلَامِ وَهُوَ يَعْقِلُ) لِأَنَّهُ صَحَّ إسْلَامُهُ اسْتِحْسَانًا (أَوْ يُسْلِمَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ) لِأَنَّهُ يَتْبَعُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا (وَإِنْ لَمْ يُسْبَ مَعَهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ صُلِّيَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ ظَهَرَتْ تَبَعِيَّةُ الدَّارِ، فَحُكِمَ بِالْإِسْلَامِ كَمَا فِي اللَّقِيطِ.
الشرح:
الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ: قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «إذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ صُلِّيَ عَلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ».
قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَمِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَحَدِيثُ جَابِرٍ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الطِّفْلُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَا يَرِثُ، وَلَا يُورَثُ حَتَّى يَسْتَهِلَّ». انْتَهَى.
بِلَفْظِ التِّرْمِذِيِّ أَخْرَجَهُ فِي الْجَنَائِزِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ الْمَكِّيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ بِهِ، قَالَ: وَقَدْ اضْطَرَبَ النَّاسُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ مَرْفُوعًا، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ مَوْقُوفًا، وَكَأَنَّهُ أَصَحُّ. انْتَهَى.
وبِهَذَا السَّنَدِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَسَكَتَ عَنْهُ، وَقَالَ: إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْمَكِّيُّ لَمْ يَحْتَجَّا بِهِ، انْتَهَى.
وقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: هُوَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ مُعَنْعَنًا مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ اللَّيْثِ عَنْهُ، وَهُوَ عِلَّةٌ، وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ الْمَكِّيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا. انْتَهَى.
ورَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ: إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ غَيْرُهُ أَوْثَقُ مِنْهُ.
انْتَهَى.
وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي الْفَرَائِض عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ بِهِ، بِلَفْظِ: «إذَا اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ صُلِّيَ عَلَيْهِ، وَوَرِثَ»، انْتَهَى.
وَبِهَذَا السَّنَدِ قَالَ النَّسَائِيُّ: وَلِلْمُغِيرَةِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، انْتَهَى.
وبِهَذَا السَّنَدِ وَالْمَتْنِ، رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الْحَادِيَ عَشَرَ، مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ.
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا وَسَكَتَ عَنْهُ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ بَدْرٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ بِهِ مَرْفُوعًا، بِلَفْظِ النَّسَائِيّ، وَالرَّبِيعُ بْنُ بَدْرٍ يُعْرَفُ بِعَلِيلَةَ ضَعَّفُوهُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ بِهِ مَرْفُوعًا، وَقَالَ: هَذَا إسْنَادٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ. انْتَهَى.
وأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ بَقِيَّةَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا، وَسَكَتَ عَنْهُ، وَرَوَاهُ مَوْقُوفًا النَّسَائِيُّ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ مِنْ قَوْلِهِ، وَكَذَلِكَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: إذَا اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ صُلِّيَ عَلَيْهِ، وَوَرِثَ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَهِلَّ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، وَلَا يُورَثُ، انْتَهَى.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، نَحْوَهُ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي عِلَلِهِ: هَذَا حَدِيثٌ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عَطَاءٍ وَأَبِي الزُّبَيْرِ، فَرَوَاهُ الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ عَنْ عَطَاءٍ، فَرَفَعَهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْهُ، فَوَقَفَهُ، وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ يَحْيَى بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، فَرَفَعَهُ، وَوَقَفَهُ غَيْرُهُ، انْتَهَى.
وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ تَعْلِيقًا مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ: الطِّفْلُ إذَا اسْتَهَلَّ صَارِخًا صُلِّيَ عَلَيْهِ، وَلَا يُصَلَّى عَلَى مَنْ لَا يَسْتَهِلُّ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سِقْطٌ. انْتَهَى.
وهَذَا التَّعْلِيقُ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ، فَذَكَرَهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ فَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ الْكُوفِيِّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ، سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي السِّقْطِ: «لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَهِلَّ، فَإِذَا اسْتَهَلَّ صُلِّيَ عَلَيْهِ، وَعُقِلَ، وَوَرِثَ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُوَرَّثْ، وَلَمْ يُعْقَلْ»، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ أَيْضًا فِي تَرْجَمَةِ شَرِيكٍ الْقَاضِي حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى ثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إذَا اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ صُلِّيَ عَلَيْهِ، وَوَرِثَ». انْتَهَى.
وذَهَبَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ إلَى أَنَّ الطِّفْلَ يُصَلَّى عَلَيْهِ إذَا اسْتَكْمَلَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَمَالِكٌ مَعَنَا فِي الْمَسْأَلَةِ، وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ، وَاحْتَجَّ لَهُمْ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ بِحَدِيثَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «السِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ»، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَفِي سَنَدِهِ اضْطِرَابٌ سَيَأْتِي فِي الْمَشْيِ أَمَامَ الْجِنَازَةِ.
الْحَدِيثِ الثَّانِي: أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ الْبَخْتَرِيِّ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلُّوا عَلَى أَطْفَالِكُمْ، فَإِنَّهُمْ مِنْ أَفْرَاطِكُمْ»، انْتَهَى.
وَضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ: الْبَخْتَرِيُّ ضَعِيفٌ، وَأَبُوهُ مَجْهُولٌ، وَمَعَ ضَعْفِهِ يُمْكِنُ حَمْلُ الْأَطْفَالِ عَلَى مَنْ اسْتَهَلَّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أَحَادِيثُ صَلَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى وَلَدِهِ إبْرَاهِيمَ:
فِيهِ أَحَادِيثُ مُسْنَدَةٌ وَأَحَادِيثُ مُرْسَلَةٌ، فَالْمُسْنَدَةُ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَأَنَسٍ وَالْخُدْرِيِّ فَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ دَاوُد بْنِ شَبِيبٍ الْبَاهِلِيِّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَمَّا مَاتَ إبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: إنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ، وَلَوْ عَاشَ لَكَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا، وَلَعَتَقَتْ أَخْوَالُهُ الْقِبْطُ، وَمَا اُسْتُرِقَّ قِبْطِيٌّ»، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ الْبَرَاءِ فَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ ثَنَا إسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ عَنْ الْبَرَاءِ، قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ، وَمَاتَ، وَهُوَ ابْنُ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرً»، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ: وَكَوْنُهُ صَلَّى عَلَيْهِ، هُوَ أَشْبَهُ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ،انْتَهَى.
ورَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى آخِرِهِ، لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْبَرَاءَ، وَكَذَلِكَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ جَابِرٍ بِهِ مُرْسَلًا.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ ثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْر ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْفَزَارِيّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى إبْرَاهِيمَ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا». انْتَهَى.
ورَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ، فَذَكَرَهُ وَأَمَّا حَدِيثُ الْخُدْرِيِّ فَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ الصَّيْرَفِيُّ الْكُوفِيُّ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ الْجَرِيرِيِّ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ بِلَفْظِ أَبِي يَعْلَى سَوَاءً وَأَمَّا الْمُرْسَلَةُ: فَعَنْ الْبَهِيِّ، وَاسْمُهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَسَارٍ، قَالَ: لَمَّا مَاتَ إبْرَاهِيمُ ابْنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَقَاعِدِ، انْتَهَى.
وَعَنْ عَطَاءٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ، وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ لَيْلَةً، انْتَهَى رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ، وَرَوَاهُمَا الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ: هَذِهِ الْآثَارُ مُرْسَلَةٌ، وَهِيَ تَشُدُّ الْمَوْصُولَ، وَرِوَايَاتُ الْإِثْبَاتِ أَوْلَى مِنْ رِوَايَاتِ التَّرْكِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَيْهِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ نَحْوَهُ حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ صَلَّى عَلَيْهِ بِالْبَقِيعِ، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ التَّرْكِ:
أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ: مَاتَ إبْرَاهِيمُ ابْنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. انْتَهَى.
وكَذَلِكَ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ وَأَبُو يَعْلَى فِي مَسَانِيدِهِمْ، وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ مُرْسَلَ عَطَاءٍ وَقَالَ: هَذَا أَوْلَى الْأَمْرَيْنِ، وَإِنْ كَانَ حَدِيثُ عَائِشَةَ أَحْسَنَ إيصَالًا، وَاعْتَلَّ هُوَ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ سَلَّمَ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِعِلَلٍ ضَعِيفَةٍ: مِنْهَا شَغْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ اسْتَغْنَى بِفَضِيلَةِ بُنُوَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاةِ، كَمَا اسْتَغْنَى الشُّهَدَاءُ بِفَضِيلَةِ الشَّهَادَةِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ لَا يُصَلِّي نَبِيٌّ عَلَى نَبِيٍّ، وَقَدْ جَاءَ أَنَّهُ لَوْ عَاشَ لَكَانَ نَبِيًّا، وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(وَإِذَا مَاتَ الْكَافِرُ وَلَهُ وَلِيٌّ مُسْلِمٌ فَإِنَّهُ يُغَسِّلُهُ وَيُكَفِّنُهُ وَيَدْفِنُهُ) بِذَلِكَ أُمِرَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حَقِّ أَبِيهِ أَبِي طَالِبٍ لَكِنْ يُغَسَّلُ غَسْلَ الثَّوْبِ النَّجِسِ، وَيُلَفُّ فِي خِرْقَةٍ، وَتُحْفَرُ حَفِيرَةٌ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ سُنَّةِ التَّكْفِينِ وَاللَّحْدِ، وَلَا يُوضَعُ فِيهَا، بَلَى يُلْقَى.
الشرح:
الْحَدِيثُ الْحَادِيَ عَشَرَ: قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَإِنْ مَاتَ الْكَافِرُ، وَلَهُ وَلِيٌّ مُسْلِمٌ يُغَسِّلُهُ وَيُكَفِّنُهُ وَيَدْفِنُهُ، بِذَلِكَ أُمِرَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حَقِّ أَبِيهِ أَبِي طَالِبٍ.
قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «لَمَّا مَاتَ أَبُوهُ أَبُو طَالِبٍ، قَالَ: انْطَلَقْتُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لَهُ: إنَّ عَمَّك الشَّيْخَ الضَّالَّ، قَدْ مَاتَ، قَالَ: اذْهَبْ فَوَارِ أَبَاك، ثُمَّ لَا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي، فَذَهَبْت فَوَارَيْتُهُ، وَجِئْتُهُ، فَأَمَرَنِي، فَاغْتَسَلْت، وَدَعَا لِي». انْتَهَى.
ورَوَاهُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ فِي مَسَانِيدِهِمْ، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ الْغُسْلُ وَالْكَفَنُ، إلَّا أَنْ يُؤْخَذَ ذَلِكَ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ: فَأَمَرَنِي، فَاغْتَسَلْتُ، فَإِنَّ الِاغْتِسَالَ شُرِعَ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ، وَلَمْ يُشْرَعْ مِنْ دَفْنِهِ، وَلَمْ يَسْتَدِلَّ بِهِ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ، إلَّا عَلَى الِاغْتِسَالِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ، فَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «لَمَّا أُخْبِرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَوْتِ أَبِي طَالِبٍ بَكَى، ثُمَّ قَالَ لِي: اذْهَبْ فَغَسِّلْهُ، وَكَفِّنْهُ، وَوَارِهِ، قَالَ: فَفَعَلْتُ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ لِي: اذْهَبْ فَاغْتَسِلْ، قَالَ: وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَغْفِرُ لَهُ أَيَّامًا، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ حَتَّى نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ بِهَذِهِ الْآيَةِ {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ}» الْآيَةَ، انْتَهَى.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ الْحَدِيثَ بِسَنَدِ السُّنَنِ، قَالَ: إنَّ عَمَّك الشَّيْخَ الْكَافِرَ قَدْ مَاتَ، فَمَا تَرَى فِيهِ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تُغَسِّلَهُ، وَتَجُنَّهُ، وَأَمَرَهُ بِالْغُسْلِ، انْتَهَى.
ورَوَى أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيَّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْت: إنَّ عَمَّك الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ، قَالَ: اذْهَبْ فَوَارِهِ، وَلَا تُحْدِثُ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي، قَالَ: فَوَارَيْته، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، قَالَ: اذْهَبْ فَاغْتَسِلْ، فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَدَعَا لِي بِدَعَوَاتٍ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِهَا حُمُرَ النَّعَمِ أَوْ سُودَهَا»، قَالَ: وَكَانَ عَلِيٌّ إذَا غَسَّلَ مَيِّتًا اغْتَسَلَ، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ وَابْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مَسَانِيدِهِمْ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بِهِ، بِلَفْظِ السُّنَنِ، زَادَ الشَّافِعِيُّ فِيهِ: فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ مَاتَ مُشْرِكًا، قَالَ: اذْهَبْ فَوَارِهِ، وَمِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ الْوُسْطَى، ثُمَّ قَالَ: وَنَاجِيَةُ بْنُ كَعْبٍ لَا يُعْلَمُ رَوَى عَنْهُ غَيْرُ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْحُفَّاظِ، انْتَهَى.
ورَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ حَدِيثَ عَلِيٍّ هَذَا مِنْ طُرُقٍ، وَقَالَ: إنَّهُ حَدِيثٌ بَاطِلٌ، وَأَسَانِيدُهُ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، وَبَعْضُهَا مُنْكَرٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا، فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ حَمَلَهُ، فَلْيَتَوَضَّأْ»، فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَبَسَطَ الْبَيْهَقِيُّ الْقَوْلَ فِي طُرُقِهِ، وَقَالَ: الصَّحِيحُ وَقْفُهُ، قَالَ: قَالَ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ الْبُخَارِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَابْنِ الْمَدِينِيِّ، قَالَا: لَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، شَيْخُ الْبُخَارِيِّ: لَا أَعْلَمُ فِيهِ حَدِيثًا ثَابِتًا، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَيْسَ فِيهِ حَدِيثٌ ثَابِتٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ: «أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ الْجَنَابَةِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمِنْ الْحِجَامَةِ وَغُسْلِ الْمَيِّت»، فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَاسْتَدَلَّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي مَنْعِهِ الْمُسْلِمَ غَسْلَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ وَدَفْنِهِ، بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْقُرَظِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «جَاءَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّيَّ تُوُفِّيَتْ، وَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ، وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَحْضُرَهَا، فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ارْكَبْ دَابَّتَكَ، وَسِرْ أَمَامَهَا، فَإِنَّك إذَا كُنْتَ أَمَامَهَا لَمْ تَكُنْ مَعَهَا». انْتَهَى.
وهَذَا مَعَ ضَعْفِهِ لَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ، كَمَا تَرَاهُ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ لِخُصُومِهِ بِحَدِيثِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَجَابَ بِأَنَّهُ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ، وَهَذَا أَيْضًا مَمْنُوعٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أَحَادِيثُ الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ:
فِيهِ حَدِيثُ النَّجَاشِيِّ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَخَرَجَ بِهِمْ إلَى الْمُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ، وَكَبَّرَ أَرْبَعًا، انْتَهَى.
وأَخْرَجَاهُ عَنْ جَابِرٍ أَيْضًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ فَكُنْت فِي الصَّفِّ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ، انْتَهَى.
ولِأَصْحَابِنَا عَنْهُ أَجْوِبَةٌ:
أَحَدُهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُفِعَ لَهُ سَرِيرُهُ، فَرَآهُ، فَتَكُونُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، كَمَيِّتٍ رَآهُ الْإِمَامُ، وَلَا يَرَاهُ الْمَأْمُومُونَ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَهَذَا يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ يُثْبِتُهُ، وَلَا يُكْتَفَى فِيهِ بِمُجَرَّدِ الِاحْتِمَالِ، انْتَهَى.
قُلْت: وَرَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، فَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الْحَادِي وَالْأَرْبَعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْخَامِسِ، مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إنَّ أَخَاكُمْ النَّجَاشِيَّ تُوُفِّيَ، فَقُومُوا صَلُّوا عَلَيْهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفُّوا خَلْفَهُ، فَكَبَّرَ أَرْبَعًا»، وَهُمْ لَا يَظُنُّونَ إلَّا أَنَّ جِنَازَتَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ مِنْ بَابِ الضَّرُورَةِ، لِأَنَّهُ مَاتَ بِأَرْضٍ لَمْ يُقَمْ فِيهَا عَلَيْهِ فَرِيضَةُ الصَّلَاةِ، فَتَعَيَّنَ فَرْضُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ ثَمَّ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ عَلَى غَائِبٍ غَيْرِهِ، وَقَدْ مَاتَ مِنْ الصَّحَابَةِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَهُمْ غَائِبُونَ عَنْهُ، وَسَمِعَ بِهِمْ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، إلَّا غَائِبًا وَاحِدًا وَرَدَ أَنَّهُ طُوِيَتْ لَهُ الْأَرْضُ حَتَّى حَضَرَهُ، وَهُوَ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيّ، رَوَى حَدِيثَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْوَسَطِ وَ كِتَابِ مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيّ ثَنَا نُوحُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حُوَيٍّ السَّكْسَكُ ثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَبُوكَ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَائِيلُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيّ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ، أَتُحِبُّ أَنْ أَطْوِيَ لَك الْأَرْضَ فَتُصَلِّيَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ عَلَى الْأَرْضِ، فَرَفَعَ لَهُ سَرِيرَهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَخَلْفَهُ صَفَّانِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ، فِي كُلِّ صَفٍّ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجَبْرَائِيلَ: بِمَ أَدْرَكَ هَذَا؟ قَالَ: بِحُبِّ سُورَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، وَقِرَاءَتِهِ إيَّاهَا جَائِيًا، وَذَاهِبًا، وَقَائِمًا، وَقَاعِدًا، وَعَلَى كُلِّ حَال»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ فِي تَرْجَمَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيّ، قَالَ: وَيُقَالُ: اللَّيْثِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، فَقَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ثَنَا الْعَلَاءُ أَبُو مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، سَمِعْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْبَصْرِيُّ ثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ هِلَالٍ الْمُزَنِيّ عَنْ ابْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَنَسٍ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَبِسَنَدِ ابْنِ سَعْدِ الْأَوَّلِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَضَعَّفَهُ.
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: وَالْعَلَاءُ هَذَا ابْنُ زَيْدٍ، وَيُقَالُ: ابْنُ يَزِيدَ، اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَابْنُ عَدِيٍّ وَأَبُو حَاتِمٍ هُوَ مُنْكَرٌ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرُوِيَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى ضَعِيفَةٍ.
وَغَائِبَانِ آخَرَانِ، وَهُمَا: زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَرَدَ أَنَّهُ أَيْضًا كُشِفَ لَهُ عَنْهُمَا أَخْرَجَهُ الْوَاقِدِيُّ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي فَقَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: «لَمَّا الْتَقَى النَّاسُ بِمُؤْتَةِ، جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَكُشِفَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّامِ، فَهُوَ يَنْظُرُ إلَى مَعْرَكَتِهِمْ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَمَضَى حَتَّى اُسْتُشْهِدَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ، وَدَعَا لَهُ، وَقَالَ: اسْتَغْفِرُوا لَهُ، وَقَدْ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَهُوَ يَسْعَى، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَمَضَى حَتَّى اُسْتُشْهِدَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَعَا لَهُ، وَقَالَ: اسْتَغْفِرُوا لَهُ، وَقَدْ دَخَلَ الْجَنَّةَ، فَهُوَ يَطِيرُ فِيهَا بِجَنَاحَيْنِ حَيْثُ شَاءَ»، مُخْتَصَرٌ، وَهُوَ مُرْسَلٌ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ.
أَحَادِيثُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى:
حَدِيثٌ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِي فَرْوَةَ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى»، انْتَهَى.
وَقَالَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، انْتَهَى.
وأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ بِأَبِي فَرْوَةَ، وَنَقَلَ تَضْعِيفَهُ عَنْ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنِ مَعِينٍ وَالْعُقَيْلِيِّ، قَالَ: فَفِيهِ عِلَّةٌ أُخْرَى، وَهُوَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَعْلَى الرَّاوِيَ عَنْ أَبِي فَرْوَةَ، وَهُوَ أَبُو زَكَرِيَّا الْقَطَوَانِيُّ الْأَسْلَمِيُّ، هَكَذَا صُرِّحَ بِهِ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَلَهُمْ آخَرُ فِي طَبَقَتِهِ يُكَنَّى أَبَا الْمُحَيَّا ذَاكَ ثِقَةٌ، وَلَيْسَ هُوَ هَذَا، انْتَهَى.
قُلْت: قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي أَبِي فَرْوَةَ: كَثِيرُ الْخَطَأِ، لَا يُعْجِبُنِي الِاحْتِجَاجُ بِهِ إذَا وَافَقَ الثِّقَاتِ، فَكَيْفَ إذَا انْفَرَدَ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ السَّكَنِ ثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ ثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ، ثُمَّ لَا يَعُودُ. انْتَهَى.
وَسَكَتَ عَنْهُ.
لَكِنْ أَعَلَّهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي كِتَابِهِ بِالْفَضْلِ بْنِ السَّكَنِ، وَقَالَ: إنَّهُ مَجْهُولٌ، انْتَهَى.
ولَمْ أَجِدْهُ فِي ضُعَفَاءِ ابْنِ حِبَّانَ.
حَدِيثٌ آخَرُ: يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي عِلَلِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ إذَا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ، وَإِذَا انْصَرَفَ سَلَّمَ»، انْتَهَى.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هَكَذَا رَفَعَهُ عُمَرُ بْنُ شَيْبَةَ، وَخَالَفَهُ جَمَاعَةٌ، فَرَوَوْهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ مَوْقُوفًا، وَهُوَ الصَّوَابُ. انْتَهَى.
ولَمْ يَرْوِ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُفْرَدِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ شَيْئًا فِي هَذَا الْبَابِ، إلَّا حَدِيثًا مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عُمَرَ، وَحَدِيثًا مَوْقُوفًا عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فِي حَمْلِ الْجِنَازَةِ:
(وَإِذَا حَمَلُوا الْمَيِّتَ عَلَى سَرِيرِهِ أَخَذُوا بِقَوَائِمِهِ الْأَرْبَعِ) بِذَلِكَ وَرَدَتْ السُّنَّةُ، وَفِيهِ تَكْثِيرُ الْجَمَاعَةِ وَزِيَادَةُ الْإِكْرَامِ وَالصِّيَانَةُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: السُّنَّةُ أَنْ يَحْمِلَهَا رَجُلَانِ يَضَعَهَا السَّابِقُ عَلَى أَصْلِ عُنُقِهِ، وَالثَّانِيَ عَلَى أَعْلَى صَدْرِهِ، لِأَنَّ جِنَازَةَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَكَذَا حُمِلَتْ، قُلْنَا: كَانَ ذَلِكَ لِازْدِحَامِ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِ.
الشرح:
فصلٌ فِي حَمْلِ الْجِنَازَةِ:
قَوْلُهُ: فَإِذَا حُمِلَ الْمَيِّتُ عَلَى سَرِيرِهِ أَخَذُوا بِقَوَائِمِهِ الْأَرْبَعِ، بِذَلِكَ وَرَدَتْ السُّنَّةُ.
قُلْت: أَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نِسْطَاسٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: مَنْ اتَّبَعَ جِنَازَةً فَلْيَأْخُذْ بِجَوَانِب السَّرِيرِ كُلِّهَا، فَإِنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ، إنْ شَاءَ، فَلْيَتَطَوَّعْ، وَإِنْ شَاءَ، فَلْيَدَعْ، انْتَهَى.
ورَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفَيْهِمَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نِسْطَاسٍ بِهِ، بِلَفْظِ: فَلْيَأْخُذْ بِجَوَانِب السَّرِيرِ الْأَرْبَعَةِ، وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِ الْآثَارِ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ بِهِ، قَالَ: مِنْ السُّنَّةِ حَمْلُ الْجِنَازَةِ بِجَوَانِب السَّرِيرِ الْأَرْبَعَةِ، انْتَهَى.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَصِفَتُهُ أَنْ يَبْدَأَ الرَّجُلُ، فَيَضَعَ يَمِينَ الْمَيِّتِ الْمُقَدَّمَ عَلَى يَمِينِهِ، ثُمَّ يَضَعَ يَمِينَ الْمَيِّتِ الْمُؤَخَّرَ عَلَى يَمِينِهِ، ثُمَّ يَعُودَ إلَى الْمُقَدَّمِ الْأَيْسَرِ فَيَضَعَهُ عَلَى يَسَارِهِ، ثُمَّ يَأْتِيَ الْمُؤَخَّرَ الْأَيْسَرَ فَيَضَعَهُ عَلَى يَسَارِهِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، انْتَهَى.
ورَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفَيْهِمَا حَدَّثَنَا هُشَيْمِ عَنْ ابْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ، قَالَ: رَأَيْت ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي جِنَازَةٍ، فَحَمَلَ بِجَوَانِبِ السَّرِيرِ الْأَرْبَعِ، مُخْتَصَرٌ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنِي الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الْمُهَزَّمِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: مَنْ حَمَلَ الْجِنَازَةَ بِجَوَانِبِهَا الْأَرْبَعِ، فَقَدْ قَضَى الَّذِي عَلَيْهِ، انْتَهَى قَوْلُهُ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: السُّنَّةُ أَنْ يَحْمِلَهَا رَجُلَانِ، يَضَعَهَا السَّابِقُ عَلَى أَصْلِ عُنُقِهِ، وَالثَّانِي عَلَى أَعْلَى صَدْرِهِ، لِأَنَّ جِنَازَةَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ هَكَذَا حُمِلَتْ، قُلْنَا: كَانَ ذَلِكَ لِازْدِحَامِ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِ.
قُلْت: رَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ فِي تَرْجَمَةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ شُيُوخٍ مِنْ بَنِي الْأَشْهَلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمَلَ جِنَازَةَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ مِنْ بَيْتِهِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ حَتَّى خَرَجَ بِهِ مِنْ الدَّارِ، قَالَ الْوَاقِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَالدَّارُ تَكُونُ ثَلَاثِينَ ذِرَاعًا، انْتَهَى.
قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْخُلَاصَةِ: وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ.
قُلْت: لَمْ أَجِدْهُ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي إلَّا بِغَيْرِ سَنَدٍ، وَلَفْظُهُ: قَالَ: وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَعْدٍ، فَغُسِّلَ، ثُمَّ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ، ثُمَّ حُمِلَ عَلَى السَّرِيرِ، حَمَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ عَمُودَيْ سَرِيرِهِ حَتَّى رُفِعَ مِنْ دَارِهِ، إلَى أَنْ خَرَجَ، مُخْتَصَرٌ، وَأَمَّا ازْدِحَامُ الْمَلَائِكَةِ فِي جِنَازَتِهِ، فَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ أَيْضًا أَخْبَرَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: لَقَدْ شَهِدَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، لَمْ يَنْزِلُوا إلَى الْأَرْضِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً، ثُمَّ فُرِّجَ عَنْهُ»، انْتَهَى.
وَهَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي عِلَلِهِ، وَذَكَرَ فِي إسْنَادِهِ اخْتِلَافًا، وَلَمْ يُضَعِّفْهُ، وَلَا جَعَلَهُ مُنْكَرًا، وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ رُبَيْحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، إلَى أَنْ قَالَ: وَقَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَانَ سَعْدٌ رَجُلًا جَسِيمًا، فَلَمْ نَرَ أَخَفَّ مِنْهُ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَأَيْتُ الْمَلَائِكَةَ تَحْمِلُهُ»، مُخْتَصَرٌ.
أَحَادِيثُ الْبَابِ:
رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيِّ ثَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ عَنْ ابْنِ الْحُوَيْرِثِ، قَالَ: تُوُفِّيَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَشَهِدْنَاهُ، فَلَمَّا خَرَجَ سَرِيرُهُ مِنْ حُجْرَتِهِ إذَا حَسَنُ بْنُ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بَيْنَ عَمُودَيْ السَّرِيرِ، فَأَمَرَ بِهِ الْحَجَّاجُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَيْنِ عَمُودَيْ السَّرِيرِ، لِيَقِفَ مَكَانَهُ، فَأَبَى عَلَيْهِمْ، فَسَأَلَهُ بَنُو جَابِرٍ، أَلَا خَرَجْت، فَخَرَجَ، وَجَاءَ الْحَجَّاجُ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ عَمُودَيْ السَّرِيرِ، وَلَمْ يَزَلْ حَتَّى وُضِعَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ، ثُمَّ جَاءَ إلَى الْقَبْرِ، فَنَزَلَ حَسَنُ بْنُ حَسَنٍ فِي قَبْرِهِ، فَأَمَرَ بِهِ الْحَجَّاجُ أَنْ يَخْرُجَ لِيَدْخُلَ مَكَانَهُ، فَأَبَى عَلَيْهِمْ، فَسَأَلَهُ بَنُو جَابِرٍ، فَخَرَجَ، فَدَخَلَ الْحَجَّاجُ الْحُفْرَةَ، حَتَّى فَرَغَ، انْتَهَى.
ورَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْأَوْسَطِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ثَنَا عَاصِمُ بْنُ سُوَيْد سَمِعْت جَدِّي مُعَاوِيَةَ بْنَ مَعْبَدٍ، قَالَ: شَهِدْت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ لَمَّا مَاتَ، فَذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا، وَزَادَ فِيهِ وَكُنْيَتُهُ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ السُّلَمِيُّ الْمَدَنِيُّ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنْبَاعِ رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ الْمِصْرِيُّ ثَنَا يَحْيَى بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: «تُوُفِّيَ أُسَيْد بْنُ حُضَيْرٍ سَنَةَ عِشْرِينَ، وَحَمَلَهُ عُمَرُ بَيْنَ عَمُودَيْ السَّرِيرِ حَتَّى وَضَعَهُ بِالْبَقِيعِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ»، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ أَنْبَأَ إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: رَأَيْت سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ فِي جِنَازَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَاضِعًا السَّرِيرَ عَلَى كَاهِلِهِ، قَائِمًا بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْمُقَدَّمَيْنِ. انْتَهَى.
ومِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَحْمِلُ بَيْنَ عَمُودَيْ سَرِيرٍ، سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، انْتَهَى.
ومِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَيْضًا، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَمِّهِ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ: رَأَيْت عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَحْمِلُ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْمُقَدَّمَيْنِ، وَاضِعًا السَّرِيرَ عَلَى كَاهِلِهِ، انْتَهَى.
ومِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عُمَرَ فِي جِنَازَةِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَائِمًا بَيْنَ قَائِمَتَيْ السَّرِيرِ. انْتَهَى.
ومِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَيْضًا، أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ شُرَحْبِيلَ أَبِي عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْت ابْنَ الزُّبَيْرِ يَحْمِلُ بَيْنَ عَمُودَيْ سَرِيرٍ، الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ أَخْبَرَنَا الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْت مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عَامِلُ الْمَدِينَةِ، حَمَلَ سَرِيرَ حَفْصَةَ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ مِنْ عِنْدِ دَارِ أَبِي حَزْمٍ، إلَى دَارِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَحَمَلَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ دَارِ الْمُغِيرَةِ إلَى قَبْرِهَا.
انْتَهَى.
أَخْبَرَنَا الْوَاقِدِيُّ أَنْبَأَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنِي عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ، قَالَ: رَأَيْت عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ حَمَلَ سَرِيرَ أُمِّهِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ حَتَّى وَضَعَهَا مَوْضِعَ الْجَنَائِزِ، وَقَامَ عَلَى قَبْرِهَا، وَدَعَا لَهَا.
(وَيَمْشُونَ بِهِ مُسْرِعِينَ دُونَ الْخَبَبِ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سُئِلَ عَنْهُ قَالَ مَا دُونَ الْخَبَبِ (وَإِذَا بَلَغُوا إلَى قَبْرِهِ يُكْرَهُ أَنْ يَجْلِسُوا قَبْلَ أَنْ يُوضَعَ عَنْ أَعْنَاقِ الرِّجَالِ) لِأَنَّهُ قَدْ تَقَعُ الْحَاجَةُ إلَى التَّعَاوُنِ، وَالْقِيَامُ أَمْكَنُ مِنْهُ.
قَالَ: وَكَيْفِيَّةُ الْحَمْلِ أَنْ تَضَعَ مُقَدَّمَ الْجِنَازَةِ عَلَى يَمِينِك، ثُمَّ مُؤَخَّرَهَا عَلَى يَمِينِك، ثُمَّ مُقَدَّمَهَا عَلَى يَسَارِك، ثُمَّ مُؤَخَّرَهَا عَلَى يَسَارِك، إيثَارًا لِلتَّيَامُنِ، وَهَذَا فِي حَالَةِ التَّنَاوُبِ.
الشرح:
الْحَدِيثُ الثَّانِي عَشَرَ: «سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمَشْيِ بِالْجِنَازَةِ، فَقَالَ: مَا دُونَ الْخَبَبِ».
قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ يَحْيَى الْجَابِرِ عَنْ أَبِي مَاجِدٍ الْحَنَفِيِّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمَشْيِ مَعَ الْجِنَازَةِ، فَقَالَ: مَا دُونَ الْخَبَبِ، إنْ يَكُنْ خَيْرًا يُعَجَّلُ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَيْرَ ذَلِكَ، فَبُعْدًا لِأَهْلِ النَّارِ، وَالْجِنَازَةُ مَتْبُوعَةٌ وَلَا تَتْبَعُ، لَيْسَ مَعَهَا مَنْ تَقَدَّمَهَا»، انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَسَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ يُضَعِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَيَقُولُ: قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قِيلَ لِيَحْيَى: مَنْ أَبُو مَاجِدٍ هَذَا؟ فَقَالَ: طَائِرٌ طَارَ، فَحَدَّثَنَا، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَأَبُو مَاجِدٍ رَجُلٌ مَجْهُولٌ، وَلَهُ حَدِيثَانِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَيَحْيَى الْجَابِرُ، وَيُقَال: الْمُجْبَرُ، ثِقَةٌ، يُكَنَّى: أَبَا الْحَارِثِ، وَهُوَ كُوفِيٌّ، رَوَى لَهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو الْأَحْوَصِ وَغَيْرُهُمْ، انْتَهَى.
وقَالَ فِي عِلَلِهِ الْكُبْرَى: قَالَ الْبُخَارِيُّ: أَبُو مَاجِدٍ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَضَعَّفَهُ جِدًّا، انْتَهَى.
ورَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَأَبُو يَعْلَى فِي مَسَانِيدِهِمْ.
أَحَادِيثُ الْبَابِ:
أَخْرَجَ الْأَرْبَعَةُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ، فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ، وَإِنْ تَكُ غَيْرَ ذَلِكَ، فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ»، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي الْفَضَائِلِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ فِي جِنَازَةِ عُثْمَانَ بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: فَكُنَّا نَمْشِي مَشْيًا خَفِيفًا، قَالَ: فَرَفَعَ أَبُو بَكْرَةَ سَوْطَهُ، وَحَمَلَ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ: وَاَلَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ أَبِي الْقَاسِمِ لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّا لَنَكَادُ أَنْ نَرْمُلَ بِهَا رَمَلًا، انْتَهَى.
وسَكَتَ عَنْهُ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ.
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ، وَفِي رِوَايَةٍ: فِي جِنَازَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: حَضَرْنَا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ جِنَازَةَ مَيْمُونَةَ، بِسَرِفٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذِهِ مَيْمُونَةُ، إذَا رَفَعْتُمْ نَعْشَهَا فَلَا تُزَعْزِعُوا، وَلَا تُزَلْزِلُوا، مُخْتَصَرٌ، فَالْمُرَادُ بِهِ شِدَّةُ الْإِسْرَاعِ، لِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْهُ الِانْفِجَارُ انْتَهَى كَلَامُهُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي النِّكَاحِ، وَبَقِيَّتُهُ: فَإِنَّهُ كَانَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ تِسْعُ نِسْوَةٍ، وَكَانَ يَقْسِمُ لِثَمَانٍ، وَلَا يَقْسِمُ لِوَاحِدَةٍ، قَالَ عَطَاءٌ: الَّتِي لَا يَقْسِمُ لَهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ، انْتَهَى.
وزَادَ مُسْلِمٌ: قَالَ عَطَاءٌ: وَكَانَتْ آخِرَهُنَّ مَوْتًا، مَاتَتْ بِالْمَدِينَةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْمَشْيِ خَلْفَ الْجِنَازَةِ: حَدِيثُ أَبِي مَاجِدٍ، تَقَدَّمَ قَرِيبًا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا: «الْجِنَازَةُ مَتْبُوعَةٌ، وَلَا تَتْبَعُ، لَيْسَ مَعَهَا مَنْ تَقَدَّمَهَا»، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ عَنْ حَرْبِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ بَابِ بْنِ عُمَيْرٍ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُتْبَعُ الْجِنَازَةُ بِصَوْتٍ، وَلَا نَارٍ، وَلَا يُمْشَى بَيْنَ يَدَيْهَا». انْتَهَى.
ورَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي عِلَلِهِ، وَمَا فِيهِ مِنْ الِاخْتِلَافِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَوْلُ حَرْبِ بْنِ شَدَّادٍ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ. انْتَهَى.
وأَعَلَّهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْعِلَل الْمُتَنَاهِيَةِ بِأَنَّ فِيهِ رَجُلَيْنِ مَجْهُولَيْنِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي فَضَائِلِ مَارِيَةَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ ثَنَا أَبِي ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفَّى حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشَى خَلْفَ جِنَازَةِ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَافِيًا»، انْتَهَى. وسَكَتَ عَنْهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي مَعْشَرٍ ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْحِمْصِيِّ الْعَطَّارِ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْشِي خَلْفَ الْجِنَازَةِ، انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: سُلَيْمَانُ بْنُ سَلَمَةَ لَا يُعْرَفُ مَنْ هُوَ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، قَالَهُ السَّعْدِيُّ.
وَعَنْ ابْنِ مَعِينٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَعَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ سُلَيْمَانَ أَخُو فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ ضَعِيفٌ، أَضْعَفُ مِنْ أَخِيهِ فُلَيْحِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا حُسَيْنُ بْنُ مِهْرَانَ عَنْ مُطَّرِحِ بْنِ يَزِيدَ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: «سَأَلَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، الْمَشْيُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ أَفْضَلُ أَمْ أَمَامَهَا؟ فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَاَلَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ إنَّ فَضْلَ الْمَاشِي خَلْفَهَا عَلَى الْمَاشِي أَمَامَهَا، كَفَضْلِ صَلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ عَلَى التَّطَوُّعِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو سَعِيدٍ: أَبِرَأْيِك تَقُولُ، أَمْ شَيْءٍ سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَغَضِبَ، وَقَالَ: لَا وَاَللَّهِ، بَلْ سَمِعْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا اثْنَيْنِ، وَلَا ثَلَاثٍ، حَتَّى عَدَّ سَبْعًا، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: إنِّي رَأَيْت أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشِيَانِ أَمَامَهَا، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَهُمَا، لَقَدْ سَمِعَا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَمِعْتُهُ، وَإِنَّهُمَا وَاَللَّهِ لَخَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَلَكِنَّهُمَا كَرِهَا أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ وَيَتَضَايَقُوا، فَأَحَبَّا أَنْ يُسَهِّلَا عَلَى النَّاسِ»، انْتَهَى.
وَأَعَلَّهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ بِمُطَّرِحٍ، وَضَعَّفَهُ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ، وَقَالَ: الضَّعْفُ عَلَى حَدِيثِهِ بَيِّنٌ وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْعِلَل الْمُتَنَاهِيَةِ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ، وَالْقَاسِمُ كُلُّهُمْ ضُعَفَاءُ، فَإِذَا اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ، فِي حَدِيثٍ، فَهُوَ مِمَّا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ، انْتَهَى.
وقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ جِدًّا، يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنْ الْأَثْبَاتِ، وَإِذَا رَوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ أَتَى بِالطَّامَّاتِ، وَإِذَا اجْتَمَعَ فِي إسْنَادِ خَبَرٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ، وَالْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَمَتْنُهُ مِمَّا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ، وَأَسْنَدَ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ، أَنَّهُ قَالَ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَكُلُّ حَدِيثِهِ عِنْدِي ضَعِيفٌ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «مَا مَشَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى مَاتَ إلَّا خَلْفَ الْجِنَازَةِ»، انْتَهَى.
وهُوَ مُرْسَلٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ قُرْبَانًا، وَإِنَّ قُرْبَانَ هَذِهِ الْأُمَّةِ مَوْتَاهَا، فَاجْعَلُوا مَوْتَاكُمْ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ»، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ «جَاءَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إنَّ أُمَّهُ تُوُفِّيَتْ، وَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ، وَهِيَ تُحِبُّ أَنْ يَحْضُرَهَا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ارْكَبْ دَابَّتَك، وَسِرْ أَمَامَهَا، فَإِنَّك إذَا كُنْت أَمَامَهَا، لَمْ تَكُنْ مَعَهَا»، انْتَهَى.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَأَبُو مَعْشَرٍ ضَعِيفٌ. انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ ثَنَا أَبُو بَكْرَةَ عَبْدُ الْعَظِيمِ بْنُ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «لَمْ يَكُنْ يُسْمَعُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَمْشِي خَلْفَ الْجِنَازَةِ، إلَّا قَوْلُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، مُبْدِيًا، وَرَاجِعًا»، انْتَهَى.
وضَعَّفَ إبْرَاهِيمَ هَذَا، وَجَعَلَهُ مِنْ مُنْكَرَاتِهِ وَأَعَادَهُ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَار، وَضَعَّفَهُ تَضْعِيفًا يَسِيرًا.
الْآثَارُ: رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ زَائِدَةَ بْنِ أَوْسٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْت فِي جِنَازَةٍ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَمْشِيَانِ أَمَامَهَا، وَعَلِيٌّ يَمْشِي خَلْفَهَا، فَقُلْت لِعَلِيٍّ: أَرَاك تَمْشِي خَلْفَ الْجِنَازَةِ، وَهَذَانِ يَمْشِيَانِ أَمَامَهَا؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: لَقَدْ عَلِمَا أَنَّ فَضْلَ الْمَشْيِ خَلْفَهَا عَلَى الْمَشْيِ أَمَامَهَا، كَفَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْفَذِّ، وَلَكِنَّهُمَا أَحَبَّا أَنْ يُيَسِّرَا عَلَى النَّاسِ، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ ابْنِ أَبْزَى، قَالَ: كُنْت فِي جِنَازَةٍ، الْحَدِيثَ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ نَجْدَةَ ثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: «خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِي جِنَازَةٍ، وَأَنَا مَعَهُ، فَقُلْت لَهُ: يَا أَبَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، كَيْفَ السُّنَّةُ فِي الْمَشْيِ مَعَ الْجِنَازَةِ، أَمَامَهَا، أَوْ خَلْفَهَا؟ فَقَالَ: وَيْحَك يَا نَافِعُ، أَمَا تَرَانِي أَمْشِي خَلْفَهَا؟»، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ثَنَا إسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ ثَنَا أَبُو كَرْبٍ أَوْ أَبُو حَرْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «أَنَّ أَبَاهُ قَالَ لَهُ: كُنْ خَلْفَ الْجِنَازَةِ، فَإِنَّ مُقَدَّمَهَا لِلْمَلَائِكَةِ، وَخَلْفَهَا لِبَنِي آدَم»َ، مُخْتَصَرٌ أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: أَخْرَجَ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ»، انْتَهَى.
رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ، مِنْ الْقِسْمِ الرَّابِعِ، وَفِي لَفْظٍ لَهُ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ غَيْرَ مَرَّةٍ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّ سُفْيَانَ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ الزُّهْرِيِّ سَكَتَ عَنْهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَزِيَادُ بْنُ سَعْدٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَرَوَى مَعْمَرٌ، وَيُونُسُ بْنُ زَيْدٍ، وَمَالِكٌ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْحُفَّاظِ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ، قَالَ: وَأَهْلُ الْحَدِيثِ كُلُّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ الْحَدِيثَ الْمُرْسَلَ فِي ذَلِكَ أَصَحُّ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَسَمِعْت يَحْيَى بْنَ مُوسَى يَقُولُ: سَمِعْت عَبْدَ الرَّزَّاقِ، يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا مُرْسَلًا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَأَرَى ابْنَ جُرَيْجٍ أَخَذَهُ مِنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
ثُمَّ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ ثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي أَمَامَ الْجِنَازَةِ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ»، انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَسَأَلْت مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: أَخْطَأَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، وَإِنَّمَا يُرْوَى هَذَا عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ». انْتَهَى.
وقَالَ النَّسَائِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ خَطَأٌ، وَهِمَ فِيهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَخَالَفَهُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَرَوَاهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا، وَهُوَ الصَّوَابُ.
قَالَ: وَإِنَّمَا أَتَى عَلَيْهِ فِيهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الزُّهْرِيَّ رَوَاهُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَمْشِي أَمَامَ الْجِنَازَةِ، قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ، فَقَوْلُهُ: وَكَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إلَى آخِرِهِ، مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ، لَا مِنْ كَلَامِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: الْحُفَّاظُ عَنْ الزُّهْرِيِّ ثَلَاثَةٌ: مَالِكٌ، وَمَعْمَرٌ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، فَإِذَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَلَى قَوْلٍ أَخَذْنَا بِهِ، وَتَرَكْنَا قَوْلَ الْآخَرِ، انْتَهَى كَلَامُ النَّسَائِيّ.
قُلْت: وَبِهَذَا اللَّفْظِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ النَّسَائِيُّ، رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَرَأْت عَلَى ابْنِ جُرَيْجٍ: ثَنَا زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ حَدَّثَنِي سَالِمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْ الْجِنَازَةِ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ يَمْشُونَ أَمَامَهَا».
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: قَالَ أَبِي: هَذَا الْحَدِيثُ إنَّمَا هُوَ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلٌ وَحَدِيثُ سَالِمٍ فِعْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَحَدِيثُ ابْنِ عُيَيْنَةَ، كَأَنَّهُ وَهَمَ، وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ثَنَا أَبِي بِهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ، بِلَفْظِ السُّنَنِ، وَزَادَ فِيهِ ذِكْرَ عُثْمَانَ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَكَذَلِكَ السُّنَّةُ، انْتَهَى.
وذَكَرَ عُثْمَانُ عَنْ النَّسَائِيّ أَيْضًا.
الْآثَارُ: أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَضْرِبُ النَّاسَ، يُقَدِّمُهُمْ أَمَامَ جِنَازَةِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، انْتَهَى.
أَثَرٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، قَالَ: رَأَيْت أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَبَا قَتَادَةَ، وَابْنَ عُمَرَ، وَأَبَا أَسِيد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ، انْتَهَى أَحَادِيثُ الْقَائِلِينَ بِالتَّفْضِيلِ: ذَهَبَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَى أَنَّ أَمَامَ الْجِنَازَةِ أَفْضَلُ فِي حَقِّ الْمَاشِي، وَخَلْفَهَا أَفْضَلُ فِي حَقِّ الرَّاكِبِ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ، وَالْمَاشِي يَمْشِيَ أَمَامَهَا قَرِيبًا عَنْهَا، عَنْ يَمِينِهَا، أَوْ عَنْ يَسَارِهَا». انْتَهَى.
ورَوَاهُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مُسْنَدِهِ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ، انْتَهَى.
وفِي سَنَدِهِ اضْطِرَابٌ، وَفِي مَتْنِهِ أَيْضًا، فَإِنَّ أَبَا دَاوُد أَخْرَجَهُ عَنْ يُونُسَ عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: وَأَحْسَبُ أَنَّ أَهْلَ زِيَادٍ أَخْبَرُونِي أَنَّهُ رَفَعَهُ إلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: الرَّاكِبُ إلَى آخِرِهِ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ بِهِ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَبِهَذَا السَّنَدِ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، لَيْسَ فِيهِ: عَنْ أَبِيهِ، وَفِي لَفْظِ ابْنِ مَاجَهْ: عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ سَمِعَ الْمُغِيرَةَ، فَذَكَرَهُ.